في هذا الحديث يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كل سلامى)) " المراد بذلك المفاصل التي اشتمل عليها البدن من العظام، وقدروها بثلاثمائة وستين مفصلاً –عضواً- يمكن فصله عن غيره، وهذه المفاصل وجودها في البدن من أعظم نعم الله -جل وعلا-، ومن أراد أن يتبين ذلك فلينظر إلى الضرر العظيم فيما إذا تصلب عنده مفصل، لو الأصبع الصغيرة، لا يستطيع الإنسان أن يثنيها، يتأذى به أذى لا يعرفه إلا هو، لو أن الرجل الذي يمدها ويكفها كيفما شاء ومتى أراد تصلبت، لا يستطيع أن يعطفها، تأذى بها أذى عظيماً، هذه نعم من الله -جل وعلا-، لا يقدرها ويعرف قدرها إلا من فقدها، هذه النعم تحتاج إلى شكر، شكر لله -جل وعلا- بأن تستعمل فيما يرضيه، وأن يتصدق عنها شكراً للواهب -جل وعلا-، فعلى الإنسان أن يتصدق يومياً بثلاثمائة وستين صدقة، يعني لو أن الأمر انتهى إلى هذا لصار فيه من المشقة على الناس الشيء العظيم، كثير من الناس لا يستطيع أن يتصدق، فكيف يتصدق بعدد السلامى، بعدد المفاصل، ثلاثمائة وستين صدقة، كل سلامى من الناس عليه صدقة، كيف نتصدق؟ كثير من الناس فقراء، قال: ((كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة)) تحكم بين اثنين بالعدل وتصلح بين اثنين صدقة، قد يقول قائل: متى نجد أناس متنازعين، وإذا تنازعوا لا يأتون إلينا لنصلح بينهم، يذهبون إلى المحاكم، فما يتيسر لنا مثل هذا.
((وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها)) رجل زمن مقعد، ترفعه إلى دابته وتضعه عليها، أو تجعل نفسك تكأة له يصعد على دابته بواسطتك، هذه صدقة، قد يقول قائل: أنا عمري كله ما قد صادفت واحد يقول: ارفعني على سيارتي أو على دابتي، في حلول، حلول كثيرة ولله الحمد، شرعنا ولله الحمد ما ضيق علينا، الدين يسر.
((تعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة)) امتطى الدابة وركب السيارة ونسي شيء في الأرض، قال: اعطني إياه جزاك الله خير، تعطيه إياه صدقة.