" ((إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)) رواه البخاري" وهذا الأسلوب يحتمل معنيين: إما أن يكون قوله: ((فاصنع ما شئت)) تهديد، يعني إذا رفع عنك هذا الخلق العظيم الذي هو شعبة من شعب الإيمان اصنع ما شئت، كقوله -جل وعلا-: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] تهديد، ويحتمل أن يكون إباحة، اصنع ما شئت إذا كان هذا العمل مما لا يستحيا منه فاصنعه، إباحة، إذا كان الإنسان سوياً على الفطرة، ورأى أن هذا العمل لا يستحيا منه؛ لأن الناس يتفاوتون في هذه الصفة وهذه الخلة، يتفاوتون تفاوتاً عظيماً، والمراد بذلك أوساط الناس الذين هم باقون على الفطرة ليس عندهم غلو في هذا الباب وشطط، وليس عندهم تساهل.
((إذا لم تستحي)) إذا كنت من هذا النوع، ورأيت أن هذا العمل مما لا يستحيا منه فاصنعه، والاختيار الأول وهو أن هذا تهديد، وأنه لا بد أن تستحيي، والحياء شعبة من الإيمان، فإذا نزع عنك هذا الخلق العظيم فأنت لم تتقيد بأوامر ولا بنواهي، ولا تستحي لا من الله ولا من خلقه، الآن اصنع ما شئت، والله بالمرصاد، نعم.
سم.
قال المؤلف -عليه رحمة الله-:
عن أبي عمرو، وقيل: أبي عمرة سفيان بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال: ((قل: آمنت بالله، ثم استقم)) رواه مسلم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الحادي والعشرين:
"عن أبي عمرو، وقيل: أبي عمرة" خلاف في كنيته "سفيان بن عبد الله" يعني اشتهر باسمه، فاختلف في كنيته، -رضي الله عنه- هذه العادة أن من يشتهر بالكنية يضيع الاسم، ومن يشتهر بالاسم تضيع الكنية "-رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك" يعني قول واضح شامل لا أحتاج أن أسأل معه أحد، هذا سؤال عظيم، طلب عظيم، وجوابه عظيم، أجابه النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن الإنسان قد يسأل ثم يبقى في نفسه شيء من السؤال فيسأل غير المسئول الأول ليوضح له، لكن إذا كان المجيب من أعطي جوامع الكلم، أفصح الخلق، وأنصح الخلق، هل يحتاج أن يسأل بعده؟ لا.