((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)) يكرم جاره لا يؤذيه بأي نوع من الأذى يصل إليه خيره، ويكف عنه شره، لا بد من هذا، ومن أنواع الإكرام للجار الكلمة الطيبة، الوجه الطلق، تسلم عليه، ترد -عليه السلام-، تسأل عن حاله وعن حال ولده، تدعو له، تدعوه، تزوره في بيته، هذه كلها من إكرام الجار، مع الأسف أن يطرق الباب ليسأل عن بيت أو عن فلان وين بيت فلان والله ما ندري؟ وقد حصل، وليس بينهما إلا جدار، وين بيت فلان؟ والله ما ندري، هذا بُعد عن تعاليم الشرع، لكن ما تعرف اسمه ولا تعرف، ولا تدري أن هذا فلان بن فلان كيف؟! هذه مرحلة أخيرة من القطيعة، والله المستعان.
((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)) ومثلما تقدم يقال هنا، التنصيص على الإيمان بالله واليوم الآخر استثارة للحمية الإيمانية بالله واليوم الآخر ((فليكرم ضيفه)) اللام لام الأمر والأمر للوجوب، يقدم الضيف فيجب إكرامه لا سيما في اليوم الأول كما جاء بذلك النص، وما عدا ذلك فهو إحسان، وأهل العلم يفرقون بين الضيف النازل في قرية والنازل في مدينة، والنازل على شخص في باديته إذا كان يجد من يقوم بحاجته كالمطاعم والفنادق فهذا يختلف عن القرية التي ليس فيها مطاعم ولا فنادق، وعن بيوت البادية التي لا يوجد حولها من يحل الإشكال، فلا شك أنه إذا وجد من يقوم بإطعامه وإيوائه فإن الأمر يكون أخف، ولا يجب حينئذٍ أن يضيف وأن يطعم وفي جيبه الأموال، وبإمكانه أن يسكن، وبإمكانه أن يأكل؛ لأن الحاجة ارتفعت، أما إذا كان في قرية أو في هجرة بادية أو بيوت متفرقة من بيوت البادية التي لا يوجد حولها خدمات، فإنه حينئذٍ الأمر على أصله يجب.