والأمر يحتمل الوجوب والاستحباب، واستعملناه في الأمرين، وأيضاً "ليصمت" يحتمل الوجوب وجوب الصمت، أو استحباب الصمت، واستعملناه في الأمرين على حسب ما يترتب على هذا الكلام أو على هذا الصمت، واستعمال اللفظ في معنييه جائز وإلا غير جائز؟ استعمال اللفظ في أكثر من معنى، يعني في حقيقته ومجازه على ما يقولون في آن واحد يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز عند من؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الأكثر على منعه، على منع استعمال اللفظ في معنييه في حقيقته ومجازه، في أكثر من معنى في آن واحد، لكن هو يستعمل في معنىً واحد، ويخرج من الصور بأدلة أخرى، فإما أن نستعمل ((فليقل)) للوجوب، ويخرج من ذلك الكلام المستحب بنصوص أخرى، ونقول: ((أو ليصمت)) الأمر للوجوب، ويخرج بعض الصور بنصوص أخرى على مقتضى كلام الأكثر، من يقول: إن اللفظ الواحد يستعمل في أكثر من معنى كالشافعية ما عندهم مشكلة في مثل هذا.
((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)) ((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر)) وهذا فيه كما في سابقه من استثارة حمية الإيمان بالله وباليوم الآخر لتنهض الهمة لامتثال هذا الأمر، وهو ((فليكرم جاره)) الجار له حق عظيم، وجاء في الحديث الصحيح: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) كالأقارب، والجار يختلف أهل العلم في تحديده، وجاء في بعض الآثار ما يدل على أنه يشمل أربعين داراً، ولا شك أن الدور في وقته -عليه الصلاة والسلام- تختلف عن الدور في وقتنا، غالب الدور من غرفة في وقته، وفي صدر هذه الأمة الدور صغيرة، وإلى وقت قريب إلى أن فتحت الدنيا على الناس والبيوت القصور منها مائة متر، وقد تصل إلى خمسين ستين متر، وأدركنا هذه، وما زالت موجودة، الدور الصغيرة، لكن فتحت الدنيا على الناس، فصار الأربعون داراً تعادل قرية فيما سبق؛ لأنها صارت بالألوف، الدور بألوف الأمتار، وبمئات الأمتار، فكلما زادت المشقة سهل الأمر.