((والنفس بالنفس)) يعني النفس تقتل بقتل النفس، فمن قتل مسلماً متعمداً بما يقتل غالباً فإنه يقاد به، النفس بالنفس يقاد به، المسلم يقتل بالمسلم، ولا يقتل مسلم بكافر، كما جاء في الحديث الصحيح، والحر لا يقتل بالرقيق كما هو قول جماهير أهل العلم، فالمكافئة هنا مطلوبة، الكافر ليس مكافئاً للمسلم، والعبد ليس مكافئاً للحر، وما عدا ذلك يقتل به، وهل يقتل بقتل أصله أو فرعه؟ يعني إذا قتل ولده يقتل وإلا ما يقتل؟ جمهور أهل العلم على أنه لا يقتل به؛ لأنه سبب في وجوده فلا يكون الولد سبباً في عدمه، ومن أهل العلم من يرى أنه يدخل في عموم النفس بالنفس، وكون الولد صار سبباً في قتل والده وعدمه ليس هو السبب في الحقيقة إنما السبب الأب الذي ابتدأ بالقتل، ولا شك أن القصاص هو الذي يضمن الحياة المستقرة والأمن بين الناس، فإذا قتل القاتل انحسمت المادة، وانتهى أثرها، لكن لو ترك القاتل كما هو في القوانين الوضعية، أولياء المقتول لا بد أن يقتلوا القاتل، ثم يعتدي أولياء المقتول الثاني على من قتل قتيلهم، وهكذا {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [(179) سورة البقرة] نعم قتل واحد يضمن حياة جماعة من الناس، بينما تركه ولو قالوا: إنهم يحكمون عليهم بالسجن المؤبد أن هذا لا يكفي،، هو موجود، يأكل ويشرب وإن حبس، وقد تأتي المناسبة تشمله بالعفو فيخرج ليقتله أولياء المقتول، ثم يستشري الشر والقتل كما في حكمة العرب: القتل أنفى للقتل، وأبلغ من ذلك قول الله -جل وعلا-: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [(179) سورة البقرة] هذا أمر يدركه كل عاقل، كل عاقل يدرك هذا، قد يقول قائل: إن الشخص إذا قتل أخاه مثلاً شقيقه قتل الأخ الثاني القاتل لا شك أنه بالنسبة للأسرة نقص فيها، وبدلاً من أن تكون المصيبة واحدة تكون أكثر من مصيبة، نقول: إن هذا لا يكون إلا بطلبهم، وإذا عفوا عنه فالعفو بابه مفتوح؛ لأنه حينئذٍ لا تترتب عليه المفسدة، إذا حصل العفو، كما يعفى عن الأجنبي {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(237) سورة البقرة] لأن الإنسان قد يتصور المسألة مجردة فيقول: قد تكون الأسرة مصابة بقتيل واحد، ثم إذا قتل القاتل صار المصيبة أكثر، نقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015