على كل حال النبي -عليه الصلاة والسلام- قاسم والله المعطي، ومع ذلك دعا له النبي -عليه الصلاة والسلام- بكثرة المال والولد والبركة، فبورك له في ذلك كله، فطال عمره إلى سنة ثلاث وتسعين من الهجرة، ومات عن مائة وثلاث سنين، مناقبه وفضائله لا تكاد تحصى، على كل حال هو خادم النبي -عليه الصلاة والسلام- له هذه المزية، وهذه المنقبة يشاركه بعض الصحابة في شيء من الخدمة، لكنه متفرغ لخدمة النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) رواه البخاري ومسلم" ((لا يؤمن)) الأصل في النفي نفي حقيقة الشيء، لكن النفي هنا لا ينفي حقيقة الإيمان، ولا أصل الإيمان، إنما ينفي كمال الإيمان الواجب، كما يقول أهل العلم، بدليل أن من لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه أنه لا يخرج بذلك عن دائرة الإيمان بل هو مؤمن، ولا يخرج بذلك عن دائرة الإسلام بل هو مسلم، لكنه ارتكب هذا الإثم، وهذا الذنب ونقص من إيمانه بقدر ذلك، فالمنفي هو كمال الإيمان.
((لا يؤمن أحدكم حتى يحب)) فيصل إلى هذه الغاية، لا يكمل الإيمان حتى يصل إلى هذه الغاية مع غايات أخرى جاء فيها نفي كمال الإيمان، حتى يصل إليها، ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه)) ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه)) الأحاديث في هذا كثيرة دليل على أن هذه من فروع الإيمان، ومن شعب الإيمان، لا تؤثر في أصل الإيمان وارتفاع أصل الإيمان، وإنما تؤثر في كماله وتخدش في تمامه.