وإذا قلنا: إن الضعيف لا يحتج به مطلقاً سد الباب على أمثل أولئك الذين يشغلون طلاب العلم بما لم يثبت عما ثبت، يشغلون طلاب العلم بما لم يثبت عما ثبت، ويشغلون العامل بالعمل بما لم يثبت عن العمل بما ثبت، تجد كثيراً ممن غلب عليه جانب العمل عنده شيء من الغفلة عن العلم، فتجد كثيراً من أعماله مبناه على أحاديث ضعيفة، وإذا تشبث الإنسان بالضعيف لا شك أنه سيغفل لا محالة عن ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا لو كان معول طالب العلم وعمدته على الصحيحين قبل غيرهما، فإذا أتقن الأحاديث الصحيحة طلب المزيد مما صح من غيرهما كان تمسكه بالصحيح فيه مشغلة عن التمسك بما لم يصح، بخلاف من اعتمدوا على أحاديث وعلى كتب وعظية، وكتب ترغيب، وكتب ما يكتبه العبّاد ويستدلون به وغالبه من الضعيف، بل فيه كثير من الموضوعات، وانشغلوا بأعمال بناء على ما رتب عليها من أجور اشتغلوا بها عما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.

فالقول بحسم المادة وعدم العمل بالضعيف مطلقاً، هو الذي يجعل طالب العلم يعمل بما صح ويسدد ويقارب ويحرص على استيعاب ما صح، وفيه ما يشغله عما لم يصح.

"ومع هذا فليس اعتمادي على هذا الحديث، بل على قوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح ((ليبلغ الشاهد منكم الغائب)) " نعم هذا أصل لتبليغ لكن هل يصلح أن يكون أصلاً للعدد؟ ما يصلح أن يكون أصلاً للعدد، نعم أصل للتبليغ، هذا بلغ أربعين حديثاً، نعم يدخل في ((ليبلغ الشاهد منكم الغائب)) لكن العدد، الالتزام بالعدد ما الذي يصلح أن يكون أصلاً له، وقد قلنا إن الحديث ضعيف بل شديد الضعف؟ فالمعول في هذه المسألة على هؤلاء العلماء الأعلام، ونعود إلى أنهم جمع غفير لا يحصون، فإن ثبت الخبر فهذا هو المطلوب، وإن لم يثبت فلمن صنف في الأربعين سلف من هؤلاء الأئمة، وهو أعلام مشهود لهم بالفضل والعلم والورع، وعلى كل حال لو أنشغل الإنسان بما هو أصح من هذا وألف تأليفاً مرسلاً مطلقاً كان أولى من أن يقتصر على هذا العدد؛ لأن الاقتصار على هذا العدد لا يوجد ما يدل عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015