((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً)) وحذف المفعول للتعميم؛ ليسرح الذهن في كل مسرح مما يمكن أن يوصف بأنه طيب فيقبله الله -جل وعلا-، أو ما كان بضده من الخبيث والرديء فإن الله -جل وعلا- لا يقبله، ((إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً)) لا يقبل من الاعتقادات إلا الطيب، وهو ما دلت عليه النصوص، نصوص الكتاب والسنة، واتفق عليه سلف الأمة، ولا يقبل من الأعمال إلا ما دل عليه الدليل، ولا يقبل من الأقوال إلا الكلم الطيب، ولا يقبل من التصرفات من صدقات وغيرها إلا ما كان طيباً في مورده ومصرفه، لا يقبل إلا طيباً، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] فالمحرمات خبائث، والرديء خبيث، ((كسب الحجام خبيث)) {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] ولو لم يكن محرماً، يعني النفقة بالمال الرديء لو قدر أن عندك تمر من النوع الجيد، وتمر من النوع الرديء، واحتبست الجيد لنفسك ولأولادك وتصدقت بالرديء هذا {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] لكنها صدقة لها أجرها بقدرها، لكن {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] أنت تحب الطيب فأنفق طيب، يعني لن تنالوا كمال البر إلا بهذا، وإن كانت الصدقة بالدون مقبولة -إن شاء الله تعالى-، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ} [(267) سورة البقرة] يعني المال الخبيث الذي هو رديء في هذه الآية، الذي هو الرديء، النوع الرديء من الطعام، ومن سائر الأموال، لكن لا يقال: إن هذا التمر الذي هو دون مما ادخرته لنفسك وولدك، لا تتصدق منه، بل ترميه للمزابل وغيرها، لا، هذا إذا لم تحتج إليه تصدق به تجد من يأكله، لكنه نفقة مفضولة، {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] وهذا يدل على سخاء النفس وجودها، وإيثارها لما عند الله -جل وعلا-، على حظ النفس كما هو معلوم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015