على كل حال الخفي لا يعلمه إلا الله، ((حتى يشهدوا)) يتلفظوا، طيب لو وقر الإيمان في قلبه واعترف بأنه لا إله إلا الله, وشهد أن محمداً رسول الله بقلبه ولم يتلفظ بذلك يكفي وإلا ما يكفي؟ في الدنيا لا يكفي، في الدنيا لا يكفي؛ لأن الغاية الشهادة، والشهادة لا بد أن يكون منطوقاً بها, ما الذي يدرينا أنه شهد أو لم يشهد؟ وفي بعض الروايات حتى يقول: والقول لا بد أن يكون ملفوظاً به، وعلى هذا لو وقر الإيمان في قلبه ولم يتلفظ فإنه حينئذ يقاتَل حتى يتلفظ، ولو مات وقد وقر الإيمان في قلبه فإن أمره إلى الله، أما الكف في الدنيا, وأحكام الدنيا, والمعاملة في الدنيا, فإنما هي على ما يظهر, والسرائر إلى الله - جل وعلا - ولذا قال: ((وحسابهم على الله تعالى)) وحسباهم على الله - تعالى-، ومنهم من يقول: حتى لو وقر الإيمان في قلبه، وصدق, وأذعن، ولا يوجد ما يمنعه من التلفظ فإنه كافر ظاهراً وباطناً، ما الذي منعه أن يشهد أن لا إله إلا الله, وهو يستطيع الشهادة، يكون حينئذ كافراً في الظاهر والباطن، أما بالنسبة للظاهر وهو الذي يهمنا, وهو التعامل معه في الدنيا على هذا الأساس هو كافر بلا شك، لكن يبقى أن أمره إلى الله - جل وعلا - ولذا قال في آخر الحديث: ((وحسابهم على الله تعالى))، وحسابهم على الله تعالى، والبشر لا يكلفون إلا الظاهر، والنبي - عليه الصلاة والسلام - إنما يحكم على الظاهر، ولا يحكم على الباطن, ولذا الحكام من القضاة وغيرهم ليس لهم أن يحكموا إلا بالمقدمات الشرعية، ليس لهم أن يحكموا إلا بالمقدمات الشرعية، وليس للقاضي أن يحكم بعلمه, فإذا أحضر المدعي الشهود حكم له إذا كانوا ممن تقبل شهاداتهم, وإن لم يجد شهوداً عدل إلى المدعى عليه، وطلب منه اليمين، ((البينة على المدعي واليمين على من أنكر))، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

يقول: ما الفرق بين من ترك ركن من أركان الإيمان، ومن ترك ركن من أركان الإسلام؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015