أما المستوردة من البلدان غير أهل الكتاب, وغير المسلمين فهذه لا شك تحريمها، لأن أكل ذبحية المشرك حرام على المسلم، يبقى ذبحية المسلم وذبيحة الكتابي، {حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ} [سورة المائدة: 5] مباح ثم بعد ذلك حسب ما يغلب على الظن, لأن من البلدان التي كانت بلدان كتابية، منها من تخلت عن دينها, ومنهم من تمرد على دينه، ويغلب على الظن أنهم يذبحون بطرق لا تجوز عندنا, على خلافٍ بين أهل العلم أنه له يلزم أن يذبح الكتابي بطريقة موافقة لطريقتنا, أو لا يلزم بطريقته هو وطعامه حل لنا، لكن الأكثر على أنه لا بد أن يذكي تذكيةً شرعية، ومع ذلك إذا وردنا الطعام من بلاد، من بلاد كتابية, أهلها يهود أو نصارى فإننا نأكل؛ لأن طعامهم حل لنا، من تورع باعتبار أنهم دخلهم ما دخلهم من تنصل وتنكب لأدنياهم من جهة، ومن غل وحقد على المسلمين, تجدهم يصدرون لنا شيء قد يضر بنا سواء, كان يضر بنا من الناحية الصحية, أو من ناحية الدين, قد يدخلوه في هذه الأطعمة التي يصدرونها لنا ما يضر بأدياننا وأبداننا, فمن اتقاها من أجل هذا لاسيما إذا قويت الشبهة فاستبرأ لدينه وعرضه، وإذا ضعفت الشبهة فإن ترك مثل هذا إنما هو كما يقرر بعض أهل العلم من الوسواس، من الوسواس، وبعض الناس يحمله الورع على ترك، ترك الأطعمة التي تزرع في بلده من مسلمين, وهي لا تحتاج إلى تذكية، زروع وثمار هذا الورع وسواس، يقول لماذا؟ يقول: لأن هذا الزرع تدوسه الحيوانات، قد تدوسه الإبل قد تدوسه البقر، ويحتمل أن هذه الحيوانات بالت أو راثت على هذه الزرع أثناء الدياسة، والشافعية يرون أن بول ما يؤكل لحمه حرام، فمن هذا الباب يتقيه، أولاً: كون هذا البول وقع أو ما وقع احتمال، الأمر الثاني: أنه يمكن أن تداس بطرق أخرى، الأمر الثالث: أن القول بحلها راجح والأدلة ظاهرة على ذلك احتمال أيضاً أن تكون دياستها بواسطة الحمر، لكن على حسب ما يقوى، إذا كان أنت تعرف أن هذا المزارع يدوس الزرع بحمر, واحتمال أن تبول هذه الحمر وبولها نجس، على حسب ما يغلب على ظنك, أما إذا كان الغالب على الظن فإن ترك هذه الأطعمة من أجل هذا إنما هو وسواس، وبعضهم يقول: إن هذه الزروع