كله))، وصلحت وصلح تضبط بفتح اللام وضمها, والفتح أكثر وأشهر، ((صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) , وإذا كان الأمر كذلك فعلى المسلم أن يُعنى بإصلاح قلبه، أن يكون همه بإصلاح قلبه أكثر من همه بإصلاح بدنه، وصلاح القلب لابد أن يكون الاهتمام به أكثر من الاهتمام بصلاح العمل، وللقلب آفات، أوصلها بعضهم إلى نحو من الأربعين فعلى الإنسان أن يعرفه، وأن يعرف كيف يعالج قلبه منها ليبرأ منها، ومن تبعاتها، {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [سورة الشعراء: 88 - 89] فسلامة القلب هي محط النجاة, وهي السبب في نجاة الإنسان يوم لا ينفعه ماله ولا بنوه، ((ألا وإن في الجسد مضغة, إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب))، بعضهم يمثل القلب بالملِك، والأعضاء بالرعية، وأن هذا الملك إذا أمر هذه الرعية امتثلت، امتثلت هل يأمر القلب ولا تتحرك اليد، ترفض اليد، إذا لم تتحرك اليد فمعناه: أن هذا الأمر ملغى، ألغي هذه الأمر أرد أن يتناول شيء بأمر من القلب ثم عدل عنه، وبهذا يكون أبلغ من الملك لأن رعيته لا يمكن أن تخلفه بينما الملك يوجد في رعيته من يخالفه، ((إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب))، القلب هذا المضغة في بدن الإنسان هي الآمر, وهي الناهي بالنسبة للأعضاء، ,ولا يمكن لعضو من الأعضاء إلا إذا كان هذا العضو معطل وأمره حينئذ يكون لغواً وعبثاً, يعني إذا كانت اليد مشلولة, هل يمكن أن يقول القلب لهذه اليد ارتفعي فتناولي كذا؟ هل يمكن؟ إذا كانت اليد معطلة مشلولة لا يمكنه ومن السفه أن تأمر هذه اليد كما يقال للمقعد اجري، يمكن أن يأتي ملك بكامل عقله يأمر المقعد بأن يجري, أو يأمر الأعمى أن يبصر, إلا على القول بأن الأسباب لا أثر لها كما يقوله الأشعرية، يقولون: الأمر سهل، يقال للأعمى: انظر ما الذي أمامك هذا مقتضى قولهم، لأنهم يقررون أن أعمى الصين في أقصى المشرق يجوز أن يرى بقرة الأندلس، إذا كان يجوز عقلاً عندهم أن يرى بقرة الأندلس, لماذا لا يأمر أن يرى؟ إذا يجوز أمره بأن يرى لأن العقل إذا أجاز هذا