إلى أن حلت ما قرأت شيء من القرآن, حجها صحيح وإلا غير صحيح؟ صحيح فليس القرآن من متطلبات الحج، فالدلالة هنا تبعية ملغاة باعتبار المعارضة, عدا على خلاف بين أهل العلم في ثبوت المعارض وعدم ثبوته، ومثل ذلك حينما يستدل الحنفية على امتداد وقت الظهر إلى مصير ظل الشيء مثليه بحديث: ((إنما مثلكم ومثل من كان قبلكم كمثل من استأجر أجيراً إلى نصف النهار - يعني: إلى الزوال- بدينار، ثم استأجر أجيراً إلى وقت العصر بدينا، ثم استأجر أجيراً إلى غروب الشمس بدينارين، فاحتج أهل الكتاب, فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجرا))، ولا يمكن أن يكون المثل الأول الذي نصف النهار مثل لليهود، والمثل الثاني من نصف النهار إلى وقت العصر مثل للنصارى، ومثل من وقت العصر إلى غروب الشمس هو غروب المسلمين فحتج اليهود واحتجاجهم ظاهر، وقتهم أطول وأجرهم أقل، احتجاج النصارى, يقول الحنفية: لا يمكن أن يكون ظاهراً وجيهاً إلا أذا قلنا: أن وقت الظهر يمتد إلى مصير ظل الشيء مثليه، لأنه قلنا: وقت الظهر ينتهي إلى مصير ظل الشيء مثله ما قلنا: أنهم أكثر عملاً، هل يمكن أن يستدل بمثل هذا الحديث على وقت الظهر إلى مصير ظل الشيء مثله مع وجود أحاديث صحيحة صريحة، حديث عبد الله بن عمر بن العاص في مسلم: ((ووقت الظهر إلى مصير كل شيء مثله))، يعني: يعارض تعارض هذه الدلالة التبعية التي لن يساق الحديث من أجلها إنما سيق الحديث لبيان فضل هذه الأمة، هذه دلالة تبعية معارضة بدلالة أصح وأصرح منها، أصرح منها فمثل هذا تكون الدلالة تبعية ملغاة على القول بأنه يمكن أن يكون في بعض الأوقات, أو في بعض الأماكن أن وقت الظهر يساوي أو أكثر من وقت العصر, إذا قلنا أنها ينتهي بمصير كل شيء مثله، على أن ابن حزم وهو والواقع يشهد بأن وقت الظهر أطول في كل زمان وفي كل مكان من وقت العصر، حتى على قول الجمهور الذين يرون أن وقت الظهر ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله، ((ألا وإن لكل ملك حمى))، قلنا: أن هذا بيان للواقع وأن الملوك يحمون، ومنهم: من يحمي بحق فيكون من نوع المباح, ومنهم: من يحمي ظلم, وعدوان, لا حق له في هذا الحمى لمنع المسلمين مما أباحه الله لهم من مصالح الخاصة, وهذا من النوع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015