لا شك أن الفهم والحفظ من مواهب الله -جل وعلا- لعباده، وليست نعمة مطلقاً كسائر النعم الظاهرة كالبصر والسمع وغيرها، فليست نعم مطلقاً إنما إذا استعملت فيما يرضي الله -جل وعلا- صارت نعمة وإلا فقد تكون نقمة، قد يحفظ ما يضره، قد يعاني فهم ما يضره أيضاً، لكن إذا استعمل هذه الحافظة، وهذا الحفظ، وهذا الفهم فيما يعينه، ويوصله إلى مرضات الله -جل وعلا-، ويحقق به الخيرية التي أشير إلى الحديث، وموهبة من الله -جل وعلا-، لكن الذي لا يوجد لديه الفهم، أو الحفظ المطلوب لنيل العلم بسرعة ويسر وسهولة، إذا كان يشق عليه الفهم، ويشق عليه الحفظ هذا من الله -جل وعلا-، لكن عليه أن يجاهد نفسه، ويتابع، ولا ييأس، ولا يقنط فجاء في الذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق هذا له أجران، والماهر به مع السفرة الكرام البررة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

فالذي فهمه فيه عسر عليه أن يحاول، ويكرر، يراجع الشروح والحواشي، ويسأل عما يشكل عليه الشيوخ، ويلازم الدروس ويدرك -إن شاء الله تعالى-، أما كونه لم يرد به الله خيراً ما دام بذل السبب هذا أراد الله به خيراً، ما دام بذل السبب وليس على الإنسان إلا بذل السبب، وأما النتائج فبيد -الله تعالى-، بإذن الله -جل وعلا- ليس بيده أن يكون عالماً، ليس بيده أن يكون فقيهاً، ليس بيده أن يكون إماماً، لا هذا ليس بيده، لكن إذا بذل ما يستطيع من سبب لا يلام، وحديث: ((من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)) هل مفهومه أن الذي لا يتفقه في الدين أراد الله به شراً؟ لا، لم يرد الله به خيراً، لأن الخير والشر ليسا بنقيضين، وإنما هما ضدان نعم لا يجتمعان، لكن قد يرتفعان، فهذا شخص عنده الأموال، وعنده نصيب من التعبد والإنفاق في سبيل الله، لكنه عامي لا يقرأ، ولا يكتب، نقول: هذا أراد الله به شراً لا، هذا أريد به خيراً من جهة، ولم يرد به خيراً من جهة.

هذا سؤال يقول: هل يجوز إمامة المتنفل بالمفترض حديث معاذ، وأنه يصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم العشاء؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015