((بكتب رزقه)) الآن رزقه مكتوب، وعليه أن يبذل السبب لأجل تحصيل هذا الرزق، قد يقول قائل: ما دام الرزق مكتوب لماذا أتعب؟ ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له))، ((ولو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصاً، وتروح بطاناً)) ما قال كما يرزق الطير تجلس في عشها، ويأتيها رزقها لا تبذل السبب، فالمخلوق المسلم مطالب ببذل السبب، والسماء لا تمطر ذهباً، ولا فضة، وليس في هذا معارضة للكتاب -لكتابة الزرق-، أنت مكتوب عليك أن تسعى، ومكتوب لك أن ترزق، رزقك محدود لن يفوتك شيء منه، لن تموت حتى تستكمل هذا الرزق، لكن مع ذلك ابذل السبب بكتب رزقه وأجله، أجل محدد لا يزيد ولا ينقص {إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [(61) سورة النحل]، فلان رزقه كذا، وأجله كذا ستون سبعون سنة، خمسون ثلاثون مائة مكتوب مفروغ منه، قد يقول قائل: ما دام أجلي مكتوب، ولن أموت قبل يومي كما يقول الناس، صحيح لن يموت قبل يومه لماذا لا يغامر، ويلقي بنفسه إلى مواضع الهلكة ما دام الأجل مكتوب، كان لمائة سنة ما هو بميت قبل مائة سنة، ولو دخل تحت سيارة؟ ألا يمكن أن يقال مثل هذا، يمكن مثل الزرق، قال: ما دام محدد والله أنا بأجلس بالفراش إلى أن يجي ها المكتوب نقول هذا ليس بصحيح، أنت مأمور بالسعي، مأمور بالسبب والسماء لا تمطر ذهب ولا فضة، والمسبب مرتب على السبب، وأيضاً الأجل مكتوب وحرام عليك أن تلقي بنفسك إلى التهلكة؛ لأن نفسك لا تملكها أنت فعليك أن تبذل أسباب الوقاية، وتدفع أسباب التلف؛ لأن هذه النفس أن مؤتمن عليها، ولن يتغير عما في علم الله شيء سواء فعلت أو لم تفعل، لن يتغير شيء، لكنك أنت مأمور أمر تكليف أن تبذل السبب، وإن كان السبب في أصله حكم وضعي، أمرك به تكليف ووقوعه منك حكم وضعي عشان ما نخلط بين الأمور.