ذكرنا أن الإمام البخاري بناء ترتيب كتابه على حديث الباب في تقديم الحج على الصيام، وعامة أهل العلم قدموا الصيام على الحج، قدموا الصيام على الحج، ولكل وجه وجاء من التشديد في ترك الصيام ما جاء، وجاء أيضا من التشديد في ترك الحج ما جاء، فمن كثرة عنده وعظمة عنده أحاديث التشديد في الصيام أكثر من أحاديث التشديد في الحج قدم الصيام، ولا شك أن للأولية دخل في الأولوية، إذا قدم الشيء في الذكر لا شك أنه من حيث الأولوية والأرجحية له نصيب من ذلك، والبداءة بما بدأ الله به معروفة، فالتقديم وإن كان العطف بالواو له شأنه.
((حج البيت)) ركن من أركان الإسلام، يقال فيه مثل ما قيل في إيتاء الزكاة أن عامة جمهور أهل العلم على أن تارك الحج مع الاعتراف بوجوبه لا يكفر، وقال بعضهم بكفره، والرواية التي سقناها عند الحنابلة، والقول عند المالكية يشمل الحج ويشمل الصيام.
جاء أخبار تعظم من شأن الحج، وأن عمر كتب إلى الأمصار أن ينظروا إلى من كان عنده جده وسعة فلم يحج فليضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين، ويروى مرفوعاً لكنه ضعيف ((من شاء فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصرانياً)) وعلى كل حال الأركان شأنها عظيم سواء المتفق عليها أو المختلف عليها شأنها عظيم وخطر ومزلة قدم، فعلى الإنسان أن يحرص وهذه الأركان التي تم الإسلام بشأنها، والعناية بها، وإبراء الذمة من تبعتها، تجد التساهل لا سيما في الحج، وأما مسالة الزكاة فكثير من أهل المال والثراء أصيبوا بالشح والجشع ولم يخرجوا زكاة أموالهم على الوجه المطلوب بدقة، فتجد الواحد يخرج حتى يظن أن ذمته برئت، لا بد من الحساب الدقيق أعطاك الكثير ورضي منك بالقليل، وأثابك عليه، اثنين ونصف بالمائة، تجد الإنسان يدفع اثنين ونصف بالمائة سعي وهو يضحك، فإذا جاءت الزكاة تصعبها وقد يتحايل عليها -نسأل الله العافية-.