أن قَيْد: (التركيب) و (الوضع) : يغني عنهما قَيْد: الإفادة؛ لأن المفيد الفائدة التي يحسن السكوت عليها؛ يستلزم أن يكون مركباً وموضوعاً.
ولكن أجيب عن ذلك بجوابين:
الأول: أن دلالة اللزوم مهجورة في التعاريف عند أولى النظر؛ ولذا أَثْبت الْمُصَنِّف - يرحمه الله - قَيْد: التركيب والإفادة. ثم إن المقصود من التعريف شرح الْمُعَرَّفِ بيان أجزائه وقيوده، فلا يكفي دلالة اللزوم.
الثاني: أن تعريف الشيء بذكر قيوده وأجزائه بعيداً عن دلالة اللزوم؛ هو المناسب للمبتدئين؛ إِذْ إِنَّهم غالباً لا يَعْقلون دلائل اللزوم، والمقدمة الآجرومية إنما كان للمبتدئين؛ فحصل التناسب.
الثاني:
أن هناك قَيْداً لابد منه في التعريف، وهو: اتحاد الناطق، فلو اصطلح رجلان على أن يَذْكر أحدهما فعلاً، والآخر فاعلاً؛ لم يُسَمَّ ذلك كلاماً. ومِنْ ثَمَّ تعيَّن إضافة قَيْد: (اتحاد الناطق) في التعريف.
ورُدَّ هذا الاعتراض بأن قَيْد: اتحاد الناطق مُخْتلَف فيه، بل صحَّحَ الأئمة كابن مالك وأبي حيان عدم كونه قَيْداً، إلحاقاً بحقيقة: (الْخَطّ) ؛ إِذْ يُسَمَّى الخط خطاً ولو اختلف الكاتب، فكذلك الكلام.
تمرين على ما شرح
أ) لو تمثَّل عاقل فقال:
يَكُنْ عنِ الزَّيفِ والتصْحِيفِ في حَرَمِ
فَعِلْمُهُ عنْدَ أهْلَ العِلْمِ كالعَدَمِ.
مَنْ يأخُذِ العلْمَ عن شيخٍ مُشافهةً
ومَنْ يكُنْ آخذاً لِلْعِلْمِ مِنْ صُحُفٍ.
لَعُدَّ كلامه عند النحاة كلاماً؛ لانطباق تعريف الكلام عندهم عليه، فقوله: (من يأخذ …) لفظ. لأنه صوت مشتمل على حروف هجائية، أولها: الميم ثم النون وهلم جراً. وهو كلام مُركَّب من كلمات بل من جمل. وهو كذلك مفيد؛ حَيْثُ حسن سكوت الْمُتَكَلِّم عليه؛ ولم يكن السامع يدري من مبانيه ومعانيه - أعني: الأبيات المتمثل بها -. وهو موضوع وضعاً عربياً ومقصود، لكونه من عاقل.