قال: (وصفات الله جل وعلا الحي السميع) أما صفات الله جل وعلا فعلى قسمين: صفات ثبوتية, وصفات سلبية.
فالصفات الثبوتية هي الصفات التي أثبتها الله لنفسه, وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم, كأن يقول الله جل وعلا: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:134] فأثبت السمع والبصر، وكأن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم تدعون سميعاً بصيراً)، فأثبتها لله تعالى.
وتنقسم الصفات الثبوتية إلى ثلاثة أقسام: صفات ذاتية, أي: أنها لا تنفك عن ذات الله جل وعلا, فهي أزلية أبدية, كالحياة والقدرة والعزة والكبرياء، فكلها صفات ذاتية لا تنفك عن ذات الله جل وعلا.
القسم الثاني: صفات فعلية: وهي ما تعلقت بمشيئة الله, فإن شاء فعل وإن شاء لم يفعل, كالاستواء والحب والرحمة والغضب.
القسم الثالث: صفات خبرية: وهي الأجزاء والأبعاض في تسميتنا، كالرجل والساق واليد والعين، قال تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر:14]، فالعين جزء مني، لكنها صفة تليق بجلال الله وكماله جل وعلا، وكاليد في قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10]، فتسمى هذه الصفات: صفات ثبوتية خبرية.
أما القسم الثاني من أقسام صفات الله جل وعلا فهي الصفات السلبية، أي: الصفات المنفية عن الله جل وعلا, بأن نفاها الله عن نفسه في كتابه, أو نفاها عنه النبي صلى الله عليه وسلم, قال الله تعالى: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:255]، فنفى عن نفسه صفة السنة وصفة النوم، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس! أربعوا على أنفسكم! فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً)، فنفى عنه هاتين الصفتين, لكن لا بد في الصفات السلبية من قيد مهم ألا وهو: النفي مع إثبات كمال الضد، ويستطيع الواحد منا أن يفسر ذلك على ضوء الإنسان, قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق:38]، فالصفة المنفية هنا: هي صفة اللغوب ومعناه: التعب والإعياء.
قال: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق:38] أي: وما مسنا من تعب، لكمال القدرة لله جل وعلا, قال: {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} [البقرة:255]، فهو نفي متضمن لإثبات كمال الضد، فكمال الضد للنوم والسنة: هي الحياة والقيومية, فهذه صفات الله جل وعلا, صفات ثبوتية, وصفات سلبية, والصفات السلبية لا تنفى بالكلية؛ لأن النفي المحض ليس فيه كمال, فلا بد أن تنفيها وتثبت كمال ضدها.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.