الكلام على صفة الاستواء للعلي العظيم

ثم ختم الإمام أبو جعفر بن جرير الطبري قوله بقول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وهذه الصفة ثابتة بالكتاب وبالسنة وبالعقل.

أما الكتاب فقد قال الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، وقال: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:54] والآيات كثيرة في ذلك.

وأما السنة فقد ثبت عن ابن مسعود موقوفاً عليه قوله: (بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام, وما بين كل سماء وأخرى مسيرة خمسمائة عام)، إلى أن قال: (والعرش فوق ذلك, والله فوق العرش)، وهذا الحديث موقوف على ابن مسعود وله حكم الرفع, فهو من السنة.

وأما العقل فقد قال تعالى: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود:44]، فعلمنا بذلك أن الاستواء معناه: العلو والاستقرار.

قال الله تعالى: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [المؤمنون:28]، والعبد الذي يستطيع أن يستوي ويستقر ويعلو على الدابة قادر على ذلك، أما الذي لا يستطيع أن يستوي ويستقر ويعلو على الدابة فهذا عاجز والعجز نقص, فإذا أثبتنا أن العلو والاستقرار للعبد صفة كمال, فمن باب أولى أن تكون صفة كمال لله جل وعلا، والقياس المستعمل بين الله وعباده: هو قياس الأولى، فإن قلنا: إن هذه صفة كمال للعبد, فمن باب أولى أن يتصف الله جل وعلا بها.

وبهذا نكون قد انتهينا من جمل اعتقادات أهل السنة والجماعة، ثم نبدأ بعد ذلك في مسألة توحيد الله عز وجل وصفاته وأسمائه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015