البدعة المفسقة: هي البدعة التي يدخل بها صاحبها إلى الفسق وهو أكبر الكبائر, وهذه البدعة: هي التعبد لله جل وعلا بما لم يشرع الله, ولم يشرعه نبيه صلى الله عليه وسلم, وأنواعها تحصر في بدع زمانية, وبدع مكانية, وبدع في الهيئة والكيفية.
أما البدع الزمانية: فهي أن يتخير زماناً فينشئ فيه عبادة خاصة بهذا الزمان لم يخصصه الله جل وعلا, مثال ذلك: أن يأتي إلى ليلة النصف من شعبان فيجتهد في التعبد لله جل وعلا فيها, فيقوم الليل, ويصوم النهار, فهذه بدعة مميتة, فهو يتحين وقتاً لم يشرعه الله جل وعلا ولم يخصصه بعبادة, فيخصصه هو بالعبادة.
ومنها: صيام خميس رجب, والنساء في مصر يزعمن وجوب صيام خميس رجب، ولابد من الزيارة للقبور في خميس رجب, فقد تحين وقتاً وخصصنه بالعبادة ولم يشرعه الله جل وعلا.
ومن البدع الزمانية أيضاً: اتخاذ أعياد في أوقات لم يشرع الله جل وعلا الأعياد فيها؛ لأن الأعياد عبادات, والأصل في العبادات التوقيف.
فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم على الأنصار فوجدهم يلعبون في يومين, فسألهم عن اليومين, فقالوا: يومان نلعب فيهما, وأصل العيد: مأخوذ من العود، عبادة يظهر فيها الشكر والفرح، فالمقصود: أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لهم ذلك فقال: (قد أبدلكم الله خيراً منهما, أبدلكم بالأضحى والفطر).
واليوم خرج علينا الخارجون فقالوا: عيد الأم, وعيد الأب, وعيد الفلاح, وعيد النصر, وعيد الحب للزهور, وقد استأت كثيراً يوم أن سمعت أن بعض الأخوات في عيد الحب نزلن يشترين الزهور -نسأل الله العفو والعافية- ولم يعرفن أن هذه بدعة مميتة, وأنهن سيحاسبن أمام الله جل وعلا, فهذه الأوقات أوقات توقيفية لابد ألا يتعبد فيها الله جل وعلا إلا بما شرع الله جل وعلا.
كذلك أيضاً: المولد النبوي, فقد خرجوا علينا بيوم وقالوا: إن هذا هو المولد النبوي، وإن الدين لا يكون إلا في يوم المولد النبوي, مع أن العبد إذا تعبد لله جل وعلا يفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم, ويشكر الله على بعثه إلينا بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخرج به الناس من الظلمات إلى النور, لتكرر الفرح بمولده وإرساله كل يوم وكل أسبوع, وقد غاب هذا عن كثير من الناس! وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يصوم يوم الإثنين, فلما سئل عن ذلك -كما في صحيح مسلم - قال: (ذلك يوم ولدت فيه, فأحب أن يرفع عملي فيه وأنا صائم) أي: وأنا صائم فيه.
فالذي يريد أن يحتفل بالمولد النبوي فعليه أن يصوم كل يوم إثنين بنيتين: نية رفع الأعمال إلى الله جل وعلا, والنية الثانية: للاحتفال بالمولد النبوي.
أما البدعة الثانية المفسقة: فهي بدعة مكانية: وهي أن يتخير مكاناً مباركاً عنده فيخصص فيه عبادة، ولم يجعل الله جل وعلا هذا المكان للعبادة, كأن يذهب إلى القبر فيدعو الله جل وعلا عنده.
كذلك أيضاً: أن يذهب مثلاً ليذبح إبلاً في مكان قد عبد غير الله فيه, فينذر أن يذبح مثلاً عند البدوي، والبدوي يعبد من دون الله جل وعلا, فينذر أن يذبح ذبيحة لله جل وعلا في هذا المكان الذي يعبد فيه غير الله جل وعلا, فهذه أيضاً من البدع المكانية.
ومن البدع المكانية أيضاً: أن يشد رحله إلى غير المساجد الثلاثة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد).
وأما النوع الثالث: فهي البدع في الهيئة والكيفية: كأن يصلي لله جل وعلا مسدلاً يديه دائماً وفي اعتقاده أن هذا الفعل من السنة، مع أن السنة قد جاءت بخلاف ذلك، فقد جاء في الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبض اليمنى على اليسرى في الصلاة).
ومن بدع الهيئات والكيفيات أيضاً: أن يبسط يده كبسط الكلب في السجود، فهذا من المنهي عنه, أو يصلي خاصراً: بأن يضع يده اليمنى على اليسرى على الخاصرة, وقد نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن بدع الهيئات والكيفيات: أن ينذر لله جل وعلا أن يقوم ولا يقعد, وأن يقف في الشمس ولا يستظل, وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يفعل ذلك فنهاه عن هذا, فهذا من البدع في الهيئات والكيفيات.
ومن البدع المميتة في الهيئات والكيفيات: بدع الصوفية في ذكر الله جل وعلا, فتراه يقوم ويترنح ويأتي بأذكار أيضاً لم يشرعها الله جل وعلا, كأن يقول: هو هو, ويفعل ما يفعل حتى يسقط صريعاً على الأرض, فهذه أيضاً من البدع في الهيئة والكيفية -نعوذ بالله من البدع-.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.