الأدلة على أن الحق في الثلاث الفتن كان مع علي ما يلي: الوجه الأول: رجوع الصحابة إليه، فهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه كان أفقه الناس في عصره، وقد بكى بكاء شديداً بعدما علم بقتال علي للخوارج وأن الانتصار كان لـ علي، فبكى وقال: يا ليتني قاتلت مع علي، فندم ندماً كبيراً أنه لم يقاتل مع علي.
وعائشة لما بلغها مقتل الخوارج، قالت: والله! إن الحق كان مع علي، وما كان بيني وبينه إلا ما كان بين الأحماء بعضهم وبعض، رضي الله عنهم وأرضاهم.
الوجه الثاني: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية)، إذاً فـ عمار كان مع الفئة التي معها الحق، بل جاء صريحاً في بعض الآثار والأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أينما كان الحق كان عمار)، وهذا دليل آخر على أن علياً كان معه الحق؛ لأن عماراً كان مع علي رضي الله عنه وأرضاه، فقد قتل عمار في وقعة صفين التي وقعت بين جيش علي وجيش معاوية، فدخل الرجل الذي قتل عماراً وقال: قتلت عماراً وهذا سلبه، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص: أبشر بالنار، (فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد بشر بالنار من قتل ابن سمية) ثم بين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية)، حتى إن كثيراً من جيش الشام ذهب يبايع علياً؛ لأنه علم أن الحق مع علي، فما كان من معاوية إلا أن قال: قتله الذين أخرجوه، يعني: علياً، فرد علي بن أبي طالب بفقه رصين فقال: إذاً قتل محمد حمزة، رضي الله عنه وأرضاه؛ لأنه هو الذي أخرجه إلى أحد.
فهذا أيضاً دليل من الأدلة والآثار التي تثبت أن الحق مع علي.
والدليل الأخير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تمرق مارقة من الدين، قوم يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان، يقرءون القرآن لا يبلغ تراقيهم، فيهم رجل يده كثدي المرأة)، فلما قاتل علي الخوارج ذهب يبحث في الناس حتى وجد الرجل، فسجد لله شاكراً؛ لأنه علم أن الحق كان معه، وهذا كان جلياً واضحاً أن الحق مع علي، فنرجو الله جل وعلا ونسأله أن يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم وأن يأجره أجراً عظيماً وفيراً؛ لأن الحق كان معه، ونرجو الله جل وعلا أن يأجر معاوية على اجتهاده، وإن كان قد أخطأ وله في ذلك الأجر، وأن يحشره مع النبي صلى الله عليه وسلم فهو كاتب الوحي رضي الله عنه وأرضاه، وهو خال المؤمنين؛ لأنه أخو أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.