Q ما هو حكم التجسس؟
صلى الله عليه وسلم حب الدنيا على نوعين: حب الدنيا يخرج من الملة, وحب الدنيا لا يخرج من الملة, فيمكن للمتجسس أن يتجسس للكفار لا لنصرة الكفار على المؤمنين, لا لأنه يحب أن يعلو الكفر على الإسلام, ولكن لأنه يحب الدنيا ولا يريد الآخرة، ويقدم الدنيا على الآخرة, ولذلك قال الله تعالى في سورة النحل: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [النحل:107]، والآية ظاهرة جداً؛ لأن من اتخذ إلهه هواه أو قدم الدنيا على الآخرة يكفر, والمسألة لا تكون بالإطلاق ولكن بالتقييد, فقال الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل:106].
ويُذكر أنه ارتقى مؤذن صومعة ليؤذن، فرأى امرأة جميلة فتن بجمالها, فنزل وأرادها فقالت: والله! ما أريدك إلا أن تتنصر, فتنصر وقدم دين النصرانية على الإسلام, ولم يرد علو النصرانية, لكنه أحب الشهوة فترك دينه خلفه ظهرياً من أجل هذه الشهوة.
فالمسألة تحتاج إلى تفصيل؛ لأن الإمام مالكاً قال: الجاسوس كافر يقتل كفراً, لكن نحن نقول: التجسس أنواع: التجسس من أجل نصرة دين الكفر على دين الإسلام وصاحبه يكفر.
التجسس من أجل إعلاء الكفار على المؤمنين؛ حباً لكفرهم وبغضاً لإيمان المؤمنين وصاحبه يكفر.
التجسس من أجل الدنيا وكراهية الآخرة وعدم إرادة الآخرة بالمرة وصاحبه يكفر.
التجسس من أجل مال ومتعة زائلة مع أنه يعلم أن هذه معصية وشهوة زائلة وأنه سيرجع إلى ربه فهذه معصية، ولا يكفر صاحبها.
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل حاطباً، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم له بالعذر وقال: (لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).
وقصة حاطب لا يستدل بها على هذه المسألة؛ لأن حاطب بن أبي بلتعة ما فعل ذلك شهوة, بل فعل ذلك حفاظاً على عرضه ونسائه.