أدلة من قال بأن صالحي البشر هم أفضل من الملائكة أدلة كثيرة، كما يلي: الدليل الأول: أن الله جل وعلا أمر الملائكة بالسجود لآدم، ولا يسجد الملك إلا لمن هو خير منه.
قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر:28 - 29].
وقال عز وجل: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} [البقرة:34] فالسجود يدل على شرف المسجود له.
الدليل الثاني من الأدلة التي تبين فضل صالحي البشر على الملائكة: أن الله جل وعلا علم آدم ما لم يعلمه أحداً من ملائكته، ومعلوم أن العالم أفضل بكثير من غيره الذي ليس بعالم، قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9].
وقال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11] والله جل وعلا سأل الملائكة: {فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة:31 - 33] ففيه دلالة على أن مرتبة آدم أعلى من الملائكة بالعلم.
الدليل الثالث: أن الملائكة يلهمون التسبيح ويلهمون الذكر والعبادة لله جل وعلا، أما البشر فهم مكلفون، والتكليف فيه مشقة عليهم، والذي تشق عليه العبادة يكون أرقى من الذي لا تشق عليه العبادة، كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (أجرك على قدر نصبك) يعني: أجرك على قدر تعبك.
فكل تعب له أجر، والبشر تشق عليهم العبادة، ويخالفون شهواتهم وأنفسهم من أجل رضا الله جل وعلا.
الدليل الرابع: أن الله قد خلق آدم بيده، ففيه دلالة على أنه أفضل من الملائكة؛ لأنه خلق الملائكة بـ (كن)، أما آدم فخلقه الله بيده، كما قال عز وجل: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ} [ص:75] فالله جل وعلا خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه، يعني: من روح من عنده.
أما الملائكة: فقد خلقهم الله بالكلمة، فقال لهم: كونوا، فكانوا.
الدليل الخامس: أن الله جل وعلا لا يباهي بأحد إلا وهو أفضل من الذي يباهى عنده.
فعن ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أبشروا فإن الله يباهي بكم الملائكة، يقول: انظروا إلى عبادي هؤلاء، قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى).
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً: (إن الله يباهي بأهل عرفة الملائكة يقول: انظروا إلى هؤلاء جاءوني شعثاً غبراً).
فالمباهاة هاهنا تدل على فضل صالحي البشر الملائكة، وقد قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء:70].