أول ثمرات هذه التوبة وأفضلها وأعلاها وأقواها: حب الله للتائبين، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222]، فالذي يتوب إلى الله جل وعلا محبوب عند الله، فإنك إذا تبت إلى ربك جل وعلا رفعك إلى عليين، وذكر اسمك عند أشرف الخلق، ألا وهم الملائكة، كما في الصحيح، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله جل وعلا إذا أحب عبداً نادى في السماء: يا جبريل! إني أحب فلاناً فاحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في أهل السماء: يا أهل السماء! إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبونه، ثم يكتب له القبول في الأرض)، فإذا أحبك الله جل وعلا أدخلك الجنة، وإذا أحبك الله جل وعلا سدد خطاك، ومنعك من كل خطيئة ورذيلة، وإذا وقعت في السفه أو المعصية، رفعك الله جل وعلا بعدها إلى توبة، بل إلى درجة أكبر، وكان سمعك الذي تسمع به وبصرك الذي تبصر به ويدك التي تبطش بها، جمع ذلك كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه -فأحب شيء الفرض- وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)، فأي درجة فوق هذه الدرجة، فبعد تتابع النوافل، يصل العبد إلى درجة المحبوبية، هذه الدرجة -أوصلنا الله وإياكم إليها- لا ينزل العبد منها أبداً، يعني: إذا ارتقى إلى درجة المحبوبية، فإنه لا ينزل منها، ولا يشكل علينا أنه يعصي؛ لأننا نقول: إن الله سيلهمه التوبة، ويكون بحالة أحسن من الأول، ألم يأتكم نبأ المهدي المنتظر؟ كيف سيقود الأمة، وقد كان متخلفاً عنهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يصلحه الله في ليلة)، يعني: قبل ذلك لم يكن بنفس الجهد الذي صار إليه؛ لأنه بعد هذه الليلة سارع في الخيرات، ولسان حاله يقول: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه:84].
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به).