ويأتي الإيمان أيضاً منفرداً ومقترناً، فإذا جاء الإيمان منفرداً كان معناه كلية الدين مثل الإسلام تماماً، ولو جاء مقترناً كان له معنى آخر غير المعنى الظاهر، وهو المعنى الباطن، ودليل ذلك قول الله جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2] فهذه أعمال باطنة.
ثم قال: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [الأنفال:3] فهذه أعمال ظاهرة.
إذاً: فهذه الآية أثبتت أن الإيمان إذا انفرد كان بمعنى الدين كله ظاهراً وباطناً.
وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آمركم أن تؤمنوا بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتصوموا رمضان، ثم قال: وتؤدوا الخمس من المغنم).
فهذه أعمال ظاهرة أيضاً، فإذا أطلق الإيمان دخل معه الإسلام والإحسان؛ لأنه مرتبة من مراتبه، أما إذا اقترن بالإسلام فيدل على الأعمال الباطنة فقط، قال تعالى: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات:14]، وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإسلام علانية، والإيمان في القلب)، وفي حديث جبريل المشهور: (سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن -أي: بالقلب- بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره).
وفي رواية أخرى (قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله).
إذاً: فالإيمان إذا اقترن بالإسلام كان معناه الباطن.