قال المؤلف رحمه الله تعالى: [جماع الكلام في الإيمان.
سياق ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن دعائم الإيمان وقواعده: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان].
الإسلام لغة: الاستسلام المحض، والإذعان والخضوع التام لله جل وعلا، قال الله مادحاً إبراهيم عليه السلام: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [البقرة:130] وذلك لأنه استسلم وانقاد لأوامر ربه سبحانه، ثم قال: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة:131] أي: استسلمت الاستسلام المحض لله جل وعلا، ولذلك لما أوحى إليه ربه أن يذبح ابنه قال: سمعت وأطعت، فقال تعالى مخبراً عنه: {قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصافات:102]، فكان الخضوع التام من إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما أفضل الصلاة وأزكى السلام.
وقد جمع الله تعالى بين الاستسلام والإحسان فقال تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [البقرة:112] فالاستسلام والخضوع التام أصل من أصول الإحسان في عبادة الله جل وعلا.
ويبين تعالى أن كل ما في السماوات والأرض قد خضع واستسلم استسلاماً تاماً له جل وعلا، فقال: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران:83] وهذا هو الخضوع التام لربوبية الله جل وعلا.