واجب الأمة نحو نبيها

إذا علمنا أن هذا النبي هو سيد الأولين والآخرين، وأنه أكرم على الله من أي أحد من الأنبياء، فيجب علينا نحوه عدة واجبات: أولها وأهمها بل لا يتم الإيمان إلا بها: هو محبة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من النفس، كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من نفسه وهواه).

وفي رواية: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.

فقال عمر يا رسول الله، أنت أحب إلي من الناس أجمعين، لكن من نفسي.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يا عمر، فقال: الآن يا رسول الله، قال: الآن يا عمر) أي أن عمر قال: أنت أحب إلي من نفسي، فلا يستقيم إيمان المسلم حتى يحب الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من نفسه، ولما أيقين الصحابة بذلك ضربوا أروع الأمثلة في الفداء والتضحية دون نبيهم، لقول الله تعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التوبة:120] فـ أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه لما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الغار أولاً خشية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسد كل فتحة في الغار، وما بقيت إلا فتحة واحدة فسدها برجله رضي الله عنه وأرضاه؛ خوفاً على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونام النبي صلى الله عليه وسلم على فخذه، حتى جاءت حية فلدغت أبا بكر رضي الله عنه وأرضاه، فخاف أن يوقظ رسول الله، فما خشي على حياته ولكن خشي على قلق رسول صلى الله عليه وسلم فما تحرك، حتى ذرفت عينه، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على رجله فبرئ رضي الله عنه وأرضاه.

وكان يمشي عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم ثم يخشى من العدو أن يأتي من الخلف فيذهب خلفه، ثم يذهب إلى اليسار وهكذا؛ لأنه يعلم أن شمس الإسلام ستشرق مع هذا الرسول الكريم.

وكذلك طلحة رضي الله عنه وأرضاه كان الرسول أحب إليه من نفسه فكان يقدم نفس النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه، وكان يقول: يا رسول الله! لا ترفع رأسك يأتيك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك يا رسول الله! أي: نفسي مقدمة على نفسك، ولما اشتد الخوف وتعالت السيوف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ألقى بسيفه، وصد السيوف بيده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شلت يده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء أبو بكر وعمر: (دونكم صاحبكم فقد أوجب) أي: أوجب الجنة بما فعله فداءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما من صحابي إلا ويقول: فداك نفسي، فداك أبي وأمي يا رسول الله! حتى المرأة قيل لها: مات ابنك فتقول: ماذا فعل رسول الله؟ فرسول الله مقدم على أنفسهم.

وفي عصرنا هذا مات الرسول صلى الله عليه وسلم، فنقدمه على نفسك بتقديم السنة عليها، والله! لو هددت أن تفصل رقبتك عن جسدك حتى تبتدع في دين الله فلا تفعل، بل فضل سنة النبي صلى الله عليه وسلم على هواك وعلى البدعة.

ثانيها: طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى.

قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى).

وقال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:80].

وقال الله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} [آل عمران:32] وكل آية فيها طاعة لله جل وعلا يقترن فيها طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وواجبنا نحو النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى محاضرات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015