القول الثاني وعليه جماعة من أهل العلم، وهو ترجيح النووي: أن أهل الفترة من أهل النار ومخلدون فيها، واستدل أصحاب هذا القول على ذلك بأدلة من الكتاب والسنة: أما من الكتاب، فقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48]، ووجه الدلالة العموم، أي: أن كل من لم يؤمن فإنه يدخل في هذا العموم، فلا يغفر له، بل يكون مشركاً، وكذلك قول الله تعالى: {وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء:18] فالآية هذه عامة، وما خصت كافراً دون كافر، والآيات الدالة على ذلك كثيرة.
وقد يستدل لهم أيضاً بحديث في صحيح مسلم (أنه جاء رجل للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أين أبي؟ قال: أبوك في النار، فولى الرجل حزيناً، فناداه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن أبي وأباك في النار)، فلما كان أبو النبي وأبو الرجل في النار، وهما ممن لم يأتي لهما نبي، فهما من أهل الفترة، فيكون حكمهما هو حكم أهل الفترة.
وقد حاول السيوطي رد هذا القول بحديث موضوع وهو: (إن الله جل وعلا أحيا أم النبي، وأحيا أبا النبي صلى الله عليه وسلم فدعاهما إلى الإسلام فأسلما)، فهما في الجنة، بل من الناس من قال: إن أبا طالب من أهل الجنة، ويرد هذا حديث: (إن أبي وأباك في النار) وأيضاً ما ومرد في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، ثم استأذنته أن أزور قبرها فأذن لي) فلما لم يأذن الله جل وعلا للنبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لأمه، دل ذلك على أنها كافرة في النار؛ لأن جل وعلا قال: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة:113].
وهذا القول رجحه النووي وجماعة من أهل العلم، وادعى بعضهم الإجماع على ذلك، وأن أهل الفترة معذبون مخلدون في نار جهم.
ولا يوجد الآن أحد من أهل فترة أبداً؛ لأن الإنترنت قد غزى كل مكان، فوصلت أخبار الإسلام والدعوة إلى كل إنسان، وخاصة أنه بعد أحداث سبتمبر لا يوجد أحد لم يسمع بالإسلام، حتى من أدغال أفريقيا الذين لا يعرفون أحداً غير الأسود أو القرود قد وصلهم خبر الإسلام.