الهداية العامة تعم كل المخلوقات، فقد هدى الله آدم كيف يأتي امرأته، وهدى كل رجل كيف يسعى لرزقه، وهدى الحيوانات معرفة خالقها، وهداها كيف تجلب الرزق، وهو الذي هدى الثعلب أن ينام، وإذا نام أن يغمض واحدة ويترك الأخرى حتى ينقض على فريسته.
وهناك قصة طريفة ذكرها بعض العلماء في أن الله تعالى هو الذي هدى الفأرة إلى أن تعرف الفرق بين كثافة الماء وكثافة الزيت، وذلك أن رجلاً كان عنده زيت في إناء، فما استطاع الفأر أن يأخذ الزيت إذ كان بعيداً عنه، فذهب إلى مكان فيه ماء، فكان يأخذ الماء ويجعله في هذه الإناء، فكلما نزل الماء في الزيت ارتفع الزيت حتى ارتفع الزيت إلى آخر الإناء فشرب منه الفأر.
فمن الذي هدى هذا الفأر لمعرفة الفرق بين كثافة الماء وكثافة في الزيت؟ وكذلك النمل تكون طابوراً كاملاً حتى تنقض على الفريسة، ثم تذهب بها لتخزنها أعوماً.
وأيضاً هدى الله كل هذه المخلوقات لتسبيحه فقال تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء:44].
فهذه النقنقة من الضفدع تسبيحات لله جل وعلا، ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع؛ لأنها تكثر من تسبيح الله جل وعلا بهذه النقنقة، وقيل: لأنها كانت تأخذ الماء وتلقي به في نار إبراهيم عليه السلام لحمايته منها.
والله هو الذي هدى الهدهد ليعرف أن الله جل وعلا يخرج الخبء من السماوات والأرض، وذلك عندما ذهب إلى بلقيس وقومها ووجدهم يسجدون للشمس من دون الله قال: {وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [النمل:24 - 25].
فمن الذي هدى الهدهد ليعرف ذلك الأمر العظيم؟ إنه الله عز وجل، فهذه هي الهداية العامة.