وقد يرد إشكال في قول الله تعالى في وصف الكافرين: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:124]، وهو كيف يرى هذا الله جل وعلا وقد حشر أعمى البصر؟ ويعضد ذلك قول الله تعالى: {وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا} [الإسراء:97] والجواب على ذلك هو أن الراجح في تفسير هذه الآية ما ورد عن ابن عباس ومجاهد وعطاء حيث قالوا: معنى أعمى أي: عن حجته التي يدلي بها بين يدي الله جل وعلا، وأصم لا يسمع ما ينفعه، وأبكم لا يتكلم بما يكون حجة له، فالآيات التي جاءت في العمى مؤولة؛ لأن هناك أدلة أخرى تثبت أنهم يسمعون زفير النار، ويسمعون الحساب ويسمعون الله جل وعلا عندما يكلمهم، ويرون النار كما قال تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} [الكهف:53]، ويرون الملائكة كما قال تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان:22].
والراجح أنهم يرون الله جل وعلا عند الحساب، وهذه الرؤية ليست رؤية رحمة، والله أعلم.