قال: والإيمان بالميزان يوم القيامة، يوزن العبد ولا يزن جناح بعوضة، وتوزن أعمال العباد كما جاءت به الآثار، قال: الإيمان به والتصديق، والإعراض عمن رد ذلك وترك مجادلته.
الإيمان بالميزان على حقيقته قال الله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء:47].
{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [القارعة:6]، وقال: {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [القارعة:8]، واختلف العلماء ما الذي يوزن يوم القيامة عمل العبد أم العبد أم الصحائف والسجلات؟ والصحيح الراجح: أن الأعمال والعباد والصحائف كلها توزن يوم القيامة، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بالنسبة للأعمال: (كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) ومن استشكل عليه أن يجسم الأمر المعنوي ويوضع في الميزان، فنقول له: ألم يأتكم نبأ الموت كيف أن الله جل وعلا يكيفه كبشاً على عرصات القيامة ثم ينادي المنادي: يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون، وينادي أهل النار فيشرئبون وينظرون فيذبح الموت أمامهم فيقال: (يا أهل الجنة خلود بلا موت -اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين- ويقال: يا أهل النار خلود بلا موت) نعوذ بالله من ذلك.
أيضاً هذه الكلمات وهذه الأعمال تسجل يوم القيامة وتوزن في الميزان، وكذلك العباد يوزنون يوم القيامة، ودليل ذلك من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الفاجر الكافر الفاسق: (يأتي يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة) نعوذ بالله من ذلك.
وأيضاً: ورد في السنة أن الصحابة نظروا إلى دقة ساقي ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه فضحكوا من ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يعني: (أتضحكون من دقة ساقيه؟ لهما في الميزان أثقل من جبل أحد)، فهذه دلالة على أن العبد سيوزن يوم القيامة، وأيضاً السجلات والصحائف ستوزن لما رواه أحمد في مسنده في حديث البطاقة، وفيه أن السجلات والمعاصي توزن، فإذا رأى المرء في نفسه أنه قد هلك يؤتى بالبطاقة فيها لا إله إلا الله فتطيش هذه البطاقة بكل السجلات.