أول فرق المرجئة: اليونسية، وهم أصحاب يونس النميري، وهؤلاء قالوا: الإيمان هو المعرفة بالله تعالى، ولا شك أن أعرف الخلق بالله عز وجل هو أول الخلق، وهو إبليس، فهو أعرف الخلق بالله، وأعلم الخلق بقدر الله عز وجل، ولكنه عصى وطغى وبغى.
ومن يسمع هذا الكلام يظن أنه كلام مستقيم ومتزن، فهم يقولون: الإيمان هو المعرفة، أي: هو معرفة الله عز وجل، ولكن هذا التعريف غير كاف؛ لأن من الكفار من يعرف الله تعالى، فمجرد المعرفة بالله عز وجل لا يثبت بها الإيمان لصاحبها، وإلا لكان إبليس من أوائل المؤمنين.
ويقولون: الإيمان هو المعرفة بالله تعالى والخضوع له والمحبة بالقلب، فمن اجتمعت فيه هذه الصفات فهو مؤمن، ولا يضر معها ترك الطاعات وارتكاب المعاصي، بل ولا يعاقب عليها صاحبها، يعني: لو أن العبد عرف الله تعالى وأحبه وخضع له وذل فإن أتى بعد ذلك بجميع المعاصي فإنه لا يعاقب عليها.
وهذا كلام كله ضلال؛ لأن إبليس كان عارفاً بالله تعالى، والمرجئة لم يكفروا إبليس لكفره بالله عز وجل، وإنما كفروه لاستكباره وترك الخضوع لله تعالى، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: {وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة:34].
هذه الفرقة الأولى، وكلامها كله تخبيط وخلط.