قال: [عن هلال الوزان قال: حدثنا شيخنا القديم عبد الله بن عكيم -وكان قد أدرك الجاهلية- قال: أرسل إليه الحجاج].
الطاغية الكبير، يقول عنه الحسن البصري: لو أتت كل أمة بخبيثها وأتينا بـ الحجاج لغلبناهم.
وقد كفره بعض أهل العلم لما أعمل من القتل في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وفي التابعين.
[قال: أرسل إليه الحجاج يدعوه، فلما أتاه قال: كيف كان عمر يقول؟ -يعني: ماذا كان عمر يقول؟ - قال: كان عمر يقول: إن أصدق القيل قيل الله عز وجل -يعني: إن أصدق القول قول الله عز وجل- ألا وإن أحسن الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة ضلالة، ألا وإن الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم، ولم يقم الصغير على الكبير، فإذا قام الصغير على الكبير فقد هلكوا].
لأن الأصل أن يأخذ الصغار العلم عن الأكابر، فإذا انعكس الأمر فلا شك أن هذا دليل هلاكنا، بل هو علامة من علامات الساعة.
قال: [وقال عبد الله: لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم، فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم هلكوا].
قال: [عن أبي أمية الجمحي: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر)] أي: أن يطلب العلم من عند الأصاغر.
[قال موسى بن أيوب النصيبي قال ابن المبارك: الأصاغر من أهل البدع].
قال: [قال إبراهيم الحربي: في قوله: (لا يزالون بخير ما أتاهم العلم من قبل كبرائهم).
قال: معناه: أن الصغير إذا أخذ بقول رسول الله عليه الصلاة والسلام والصحابة والتابعين فهو كبير].
يعني: لو كان الطفل الغلام متبعاً للأثر فهو كبير مهما كان سنه، وإن الشيخ الكبير إن أخذ بقول أبي حنيفة وترك السنن فهو صغير.
دائماً يضرب أهل العلم بـ أبي حنيفة مثلاً للخروج عن الأثر، والولوج في الرأي، مع أنه إمام من الأئمة، بل إمام معظم ومبجل، لكنه كان أول من خاض في الرأي، وترك السنن، ولا أقول: تركها متعمداً، بل هو معذور في تركها، فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يسكن الكوفة، ولم تكن السنة في وقته منتشرة الانتشار الذي يسمح له بالتحصيل.
نعم قد سبقه في الكوفة عبد الله بن مسعود وتلاميذه جميعاً، وكان يعيش في زمن أبي حنيفة وفي الكوفة سفيان بن سعيد الثوري وكفى به إماماً للأثر، ولكنه قد غلب على أبي حنيفة إعمال النظر في الأدلة، فانشغل بالنظر واستنباط الأحكام أكثر من انشغاله بحفظ ومدارسة وتحصيل الأثر، فقال في دين الله برأيه كثيراً، وله أعذار غير ما ذكرت، فلا يتبع أبا حنيفة على ما خالف فيه الأثر، ولا ينكر عليه ما وافق فيه الأثر، فهو مضرب المثل؛ لأنه اشتهر عنه أنه إمام مدرسة الرأي، فإذا أرادوا أن يذموا الرأي وأن يمدحوا الأثر ذكروا المحدثين من جهة المدح، وذكروا أبا حنيفة من جهة سب الرأي لا سب أبي حنيفة؛ لأن بعض طلاب العلم يفهم من هذا أن أبا حنيفة مبتدع وينبغي ذمه في شخصه، والقدح فيه، وهذا بلا شك لم يقصده أحد من أهل العلم، والحق يؤخذ من كل من أتى به، وما خالف الحق يرد على كل من أتى به، يستوي في ذلك أبي حنيفة وغيره من أهل العلم.
قال: [قال عبد الله بن مسعود: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم].
عبد الله بن مسعود أدرك أن الله تبارك وتعالى ما ترك شاذة ولا فاذة ولا شاردة ولا واردة إلا وبينها في كتابه وبينها رسوله عليه الصلاة والسلام في سنته، ولم يدع فيه مجالاً للرأي والاجتهاد، وقد حصل ذلك لأصحابه وأتباع أصحابه، والأئمة المتبوعين، فلم الابتداع والله تبارك وتعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3]؟ فالدين كامل وليس بناقص.
والمبتدع كأنه يقول لله عز وجل: أنت لم تكمل الدين، فيتهم المولى تبارك وتعالى.
وأنت لم ترضه لنا، ولم تتم علينا النعمة؛ ولذلك اضطررنا إلى أن نبتدع للناس في أمور دينهم ما كان خللاً في كتابك أو في سنة نبيك.
ولا شك أن من قال هذا معتقداً له فهو كافر، ولذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته) وإن كان الحديث محل نظر عند المحدثين، إلا أن الراجح أنه حديث حسن.
قال: [قال عبد الله بن مسعود: إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولا نضل ما تمسكنا بالأثر].
قال: [عن عاتكة بنت جزء قالت: أتينا عبد الله بن مسعود فسألناه عن الدجال، فقال لنا: لغير الدجال] أخوف عليكم من الدجال.
يعني: أنا أخاف عل