قال: [وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث النعمان عند مسلم: (المؤمنون كرجل واحد إذا اشتكى رأسه تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر).
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً).
وقال النبي عليه الصلاة السلام: (وإن الشيطان ليأكل من الغنم القاصية)]، ويقول غير واحد من السلف كـ عبد الله بن مسعود وعمر بن عبد العزيز وغيرهما: وإن ما تعملونه في الجماعة وأنتم تكرهون خير لكم مما تعملونه في الفرقة وأنتم تحبون، يعني: العمل الذي تعمله في وسط جماعة المسلمين وإن كنت لا تحبه هو خير لك بين يدي الله عز وجل من أن تعمل عملاً في الفرقة وإن كنت تحبه.
ولذلك الخلاف شر، والود والألفة والمحبة بين المسلمين خير، فمحبة الله ورسوله والمؤمنين من العمل الصالح، والنصارى دائماً يدندنون على المحبة، وهذه بضاعتنا فإن الغرب أخذوا ديننا فعملوا به فسادوا الدنيا بأسرها في الوقت الذي نحن تأخرنا عن ركب الحضارة؛ لأننا لم نتمسك بحبل الله المتين.
الأصل في كل رقي ديني أو دنيوي، عقائدي أو أخلاقي هو القرآن والسنة، فإذا تمسك به الكفار سادوا، وإذا تمسك به المسلمون سادوا، فهذه القضية ما فيها محاباة، فهي قضية اتباع وقضية إيمان بالله وبرسوله عليه الصلاة والسلام.
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (المسافر شيطان، والمسافران شيطانان، والثلاثة ركب)، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسافر الرجل وحده، وفي حديث آخر: (نهى النبي عليه الصلاة والسلام أن يسافر الرجل وحده، أو أن يبيت وحده)، الواحد فينا لما يبيت في بيت لوحده، لو قام في الليل وفزع، فربما يذهب عقله، وهذا يحصل.
ولو أن شاباً في ريعان شبابه يبيت وحده، ربما مارس العادة الخبيثة مرتين وثلاث في الليلة؛ لأنه يبيت في بيته مع الشيطان، والشيطان يأمره بالمعصية؛ ولذلك إذا بات الرجل وحده فقد بات معه الشيطان، ولا يبيتن رجل في غرفة لوحده، إنما يبيت الاثنان؛ لأن المرء إذا دخل غرفته وأغلق على نفسه الباب وإن كان معه في الغرف المجاورة أناس آخرون، فهو يمكن أو يسهل عليه أن يقع في المعصية؛ ولذلك من عوامل تثبيت الإيمان في القلب الصحبة المؤمنة، والذي يتعرف على شباب فاسدين سيتأثر بهم، بخلاف ما لو تعرف على شباب صالحين.
فالصحبة المؤمنة تزيد من إيمان المرء، لأن المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (المؤمن يألف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف).
فمن كان لا يألف ولا يؤلف فهو في خطر عظيم؛ وعلى المسلم أن يعامله معاملة حسنة وأن يحتسبه عند الله، فالنبي عليه الصلاة والسلام قد أوذي ومع هذا تكلف الود.
فقد كان يأتي الأعرابي البدوي الجلف من البادية فيجذب النبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤثر في رقبته، يقول: (يا محمد! أعطني من مال الله فإنه ليس من مالك ولا من مال أبيك!).
فيقول النبي عليه الصلاة والسلام: (دعه يا عمر! واقض حاجته)، فـ عمر هو الذي سيأخذ هذا الرجل وسيذهب به إلى بيت المال، وسيعطيه إلى أن يقول: كفاية، فأعطاه منه حتى قال له: أرضيت؟ قال: رضيت.
فرجع الرجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال له: (يا رسول الله! لقد قرأت في كتب أهل الكتاب أن علامة النبي العربي أنه إذا جهل عليه أحد حلم، فأردت أن أعرف ذلك فيك) يعني: ما عمل هذا إيذاء للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان يتأكد من أن هذه علامة النبي الجديد، أنه كلما يجهل عليه أحد يزداد حلماً، إلى أن رأى بعينه.
والنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن في حاجة لدفاع عمر، فإنه لم يدخل في مصارعة قط مع أحد إلا صرعه، فهو ما يرد الإساءة بالإساءة، إنما يرد الإساءة بالإحسان.
اجعل بينك وبين أخيك المؤمن أو المسلم وداً وألفة ومحبة، أما غير المسلم فإنك تتصنعه لاستمالة قلبه للدخول في الإسلام.