قال: [وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (أي شيء أعجب إيماناً)] النبي عليه الصلاة والسلام يخاطب أصحابه يقول لهم: ما أعجب شعب الإيمان أو ما أعجب شيء في الإيمان؟ قالوا: [(الملائكة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: كيف وهم في السماء يرون من أمر السماء ما لا ترون؟!)] يعني: كيف لا يؤمنون وهم عند ربهم يرون من أمر السماء ما لا ترون؟ فالملائكة جبلوا على الطاعة، {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6]، وهؤلاء أيضاً لهم منزلة، فهم أهل السماء، يعرفون من الأخبار ما لا تعرفون فكيف لا يؤمنون؟ [(قالوا: يا رسول الله! فالأنبياء قال: كيف وهم يأتيهم الوحي؟)]، يعني: النبي يأتيه الوحي، وهو رسولٌ اصطفاه الله تعالى من الخلق فكيف لا يؤمن؟ قالوا: [(فنحن يا رسول الله! -أي: فلم يبق لك إلا الصحابة- قال: فكيف وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله؟!)] يعني: أنتم تقرءون القرآن بالليل والنهار وفيكم رسوله، فكيف لا تؤمنون؟! قال النبي عليه الصلاة والسلام: [(أعجب الخلق إيماناً قوم يكونون من بعدكم يجدون صحفاً فيؤمنون بي ولم يروني)] وهم التابعون ومن بعدهم إلى يوم القيامة.
والحديث هذا محل نزاع بين أهل العلم، والراجح أنه حديث حسن.
ومعنى الحديث أنك إذا قرأت هذا القرآن وصدقته وصدقت أنه من عند الله، وسمعت أباً عن جد أن الله أرسل نبياً اسمه محمد فآمنت به واتبعته، هذه درجة من الإيمان عظيمة جداً.
وبنو إسرائيل ما كانوا يؤمنون بشيء إلا بعد أن يروه، إلى أن قالوا لموسى: أرنا الله جهرة من أجل أن نؤمن، فبنو إسرائيل ما كانوا مؤمنين بالله؛ لأنهم اعتادوا وألفوا ألا يؤمنوا بشيء إلا إذا رأوه، حتى طلبوا من موسى أن يريهم الله تعالى عياناً بياناً.