والخصلة الرابعة هي: الصلاة، وبينا في الدرس الماضي أن الصلاة من الإيمان في قول الله عز وجل: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة:143]، أي: ليضيع صلاتكم التي صليتموها إلى بيت المقدس قبل إنزال الوحي بتحويل القبلة إلى البيت الحرام.
والخصلة الخامسة: الزكاة، والسادسة: الخمس من المغنم، والسابعة: الصوم، والثامنة: الحج.
كل هذا من الإيمان، ومن هذه الخصال ما يتعلق بالقلب وهو الاعتقاد، ومنه ما يتعلق بالجوارح، ومنه ما يتعلق باللسان وهو الشهادتان.
كما في حديث ابن عباس وهو المعروف بحديث وفد عبد القيس لما أتوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا: (يا رسول الله! إن بيننا وبينك كفار مضر ولا نخلص إليك -أي: ولا نأتي إليك ولا نتمكن من لقائك- إلا في الأشهر الحرم، فمرنا بأمر نعمل به ونأمر به من وراءنا، قال: آمركم بالإيمان بالله وحده؟ أتدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وتقيموا الصلاة، وتؤتوا الزكاة، وتصوموا رمضان، وتؤدوا الخمس من المغنم).
فعرف الإيمان هنا بما عرف به الإسلام في حديث جبريل عليه السلام، قال: (وأنهاكم عن أربع: أنهاكم عن الدباء والحنتم، والنقير، والمقير) وفي رواية: (والمزفت).
وكل هذه إنما هي أسامي أواني كانوا يخمرون فيها الخمر، ومن شأن هذه الأواني على جهة الخصوص أن الخمر أو أن الشراب إذا وضع فيها اشتد سريعاً؛ ولذلك كان العرب قبل الإسلام يأتون بهذه الأواني خصيصاً حتى لا تتأخر فيها الأشربة بحيث تتخلل وتتخمر سريعاً، فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك.