سياق ما فسر من كتاب الله عز وجل من الآيات في الحث على الاتباع وأن سبيل الحق هو السنة والجماعة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [سياق ما فسر من كتاب الله عز وجل من الآيات في الحث على الاتباع؛ وأن سبيل الحق إنما هو اتباع منهج أهل السنة والجماعة] أي: الأدلة من كتاب الله عز وجل على أن الطريق المستقيم هو طريق أهل السنة والجماعة: جاء ذلك [عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة:48] قال: سبيلاً وسنة].

يعني: طريقاً واحداً وسنة واحدة.

قال: [وعن الحسن البصري رحمه الله في قول الله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} [الجاثية:18] قال: الشريعة هي السنة].

قال: [عن عطاء في قول الله عز وجل: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} [البقرة:121] قال: يتبعونه حق اتباعه، ويعملون به حق عمله].

قال: [عن الحسن في قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31] قال: وكانت علامة حبه إياهم -أي: علامة حب الله تعالى لهم- اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم].

قال: [عن سفيان بن عيينة: أنه سئل عن قوله عليه الصلاة والسلام: (المرء مع من أحب)] والحديث في الصحيحين.

سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الرجل يحب القوم ولما يعمل بعمله، يعني: يحب أبا بكر وعمر وعثمان كما ورد من حديث أنس بن مالك، ولكنه في العمل لم يلحق بهم، ولم يعمل مثل عملهم: (أين هو يا رسول الله! قال: النبي عليه الصلاة والسلام: المرء مع من أحب).

أما سفيان بن عيينة فقال: ألم تسمع قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31].

قال: يقربكم الحب من الرب تبارك وتعالى.

وقال في قوله تعالى: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران:140].

قال: لا يقرب الظالمين.

إذاً: الله تبارك وتعالى يقرب المحبين، يقرب المتبعين، ويبعد الظالمين.

قال: [وعن الحسن في قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة:129]، قال: الكتاب هو القرآن، والحكمة هي السنة].

وغير واحد من السلف فسروا الحكمة في القرآن بأنها السنة.

قال: [وعن قتادة وعن سعيد بن جبير في قول الله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه:82]، قال: ثم استقام -الهدى هي الاستقامة- وقال: والاستقامة هي لزوم السنة والجماعة].

لم سمي أهل السنة بأهل السنة والجماعة؟ أولاً: سموا بأهل السنة؛ لأنهم يتبعون السنة ويلتزمونها.

وسموا بالجماعة؛ لأنهم اجتمعوا على ذلك، اعتقاداً وعلماً وعملاً، وسموا أهل السنة بالتزامهم السنة، وعدم خروجهم عنها، وسموا الجماعة؛ لأنهم اجتمعوا على هذا المعتقد، واجتمعوا على هذا العلم وهذا العمل.

قال: [وعن شمر بن عطية في قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه:82].

قال: لمن تاب من الشرك وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأدى الفرائض ثم اهتدى للسنة.

وعن ابن عباس في قوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران:106].

قال: فأما الذين ابيضت وجوههم فهم أهل السنة والجماعة وأهل العلم، وأما الذين اسودت وجوههم فأهل البدع والضلالات.

وعن عطاء في قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59].

قال: هم أولو العلم] ومن طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة؛ لأن بعض الناس يتصور أن طاعة الرسول هي اتباع السنة فقط، كما أن بعض الناس وهم القرآنيون اعتبروا أن طاعة الله هي اتباع القرآن فقط، مع أن القرآن أمر بطاعة الرسول فكيف نطيع الرسول هنا؟ فالقرآن والسنة متلازمان من جهة التشريع لا يمكن أبداً فك أحدهما عن الآخر.

لو أنك قلت: أنا أثري وأنا ألتزم الأثر فقط دون القرآن لكفرت قولاً واحداً.

وإذا قلت: أنا قرآني فقط، ولا أعتبر إلا القرآن، فقد تجد في السنة التحذيرات الكثيرة والتهديدات والتوعيدات الكثيرة في الرد إلى كتاب الله، وإلى سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015