قال: [عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون -يعني: تعرفون من أحوالهم، وتنكرون منها- فمن أنكر فقد بريء، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع -أي: من رضي هذا منهم وتابعهم على ما أساءوا فيه وما أتوا به من منكر- قالوا: أفلا نقتلهم؟ -يعني: إذا أظهر هؤلاء الأمراء المنكر هل نقاتلهم؟ - قال النبي عليه الصلاة والسلام: لا ما صلوا، لا ما صلوا)]، يعني: لا تقاتلونهم إذا كانوا يصلون، وهذا يدل على أن الصلاة مانعة وعاصمة للدماء والأموال، وهذا كما في حديث عبد الله بن عمر السابق: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فمن فعل ذلك فقد عصم مني دمه وماله إلا بحقها وحسابه على الله).
قال: [وعن جابر قال: (قال النعمان بن قوقل: يا رسول الله! أرأيت إن صليت المكتوبات، وأحللت الحلال، وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيئاً أدخل الجنة؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: نعم)].
فذكر الصلاة في هذا الدليل يدل على أن لها حكماً خاصاً دون بقية الفرائض والواجبات والأركان.
قال: [وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان وهو يبكي، ويقول: يا ويلي! أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فلم أسجد فلي النار)]، وهذا يدل على أن السجود هو أعظم ركن من أركان الصلاة، من فعله دخل الجنة ومن لم يفعله دخل النار، وأن من ترك الصلاة فيه شبه عظيم من الشيطان؛ لأن الشيطان أمر بالإيمان أولاً فكفر، وأمر بالسجود فلم يسجد، وكذلك الذي أمر بالإيمان فلم يؤمن، والصلاة من الإيمان، فهو أمر بالصلاة -أي: أمر بالإيمان- فلم يؤمن، وأمر بالسجود فلم يسجد.
فالذي ترك الصلاة فيه شبه بالشيطان عظيم جداً.
وقد جاء هذا عن عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم.