قال: [قال النبي عليه الصلاة والسلام: (بين العبد وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) وقال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة -أي: بيننا وبين اليهود والنصارى، أو بيننا وبين الكفار- فمن تركها فقد كفر)، وفي رواية: (فقد كفر وأشرك)، بالعطف لا بأو التي تفيد التخيير.
وعن شريك قال: استأذنت على المهدي وعنده أبو يوسف القاضي -وهو صاحب أبي حنيفة، والأحناف لا يقولون بكفر تارك الصلاة، ومنهم أبو يوسف القاضي -وقد امتريا- يعني: تجادلا وتخاصما وتناظرا- في تارك الصلاة هل هو كافر أم غير كافر؟ فقال المهدي: هو كافر، وقال أبو يوسف: ليس بكافر، فقال المهدي: لقد دخل من يفصل بيننا، يعني: شريك بن عبد الله النخعي دخل وهو الذي يقضي بيننا، وكان المهدي يقول: الصلاة من الإيمان، وأبو يوسف يقول: الصلاة ليست من الإيمان، قال: فلما دخل سلم، قال: فردوا عليه، فقال -أي المهدي -: يا أبا عبد الله! ما تقول في رجلين امتريا فقال أحدهما: الصلاة من الإيمان، وقال الآخر: الصلاة من العمل؟ أي من عمل الجوارح التي لا علاقة لها بأصل الإيمان.
قال شريك: أصاب الذي قال الصلاة من الإيمان، وأخطأ الذي قال الصلاة من العمل، قال: فقال أبو يوسف: من أين قلت ذاك؟ قال: حدثني أبو إسحاق عن البراء بن عازب في قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة:143] قال: صلاتكم نحو بيت المقدس، قال: فألقمه حجراً]، أي: أقام عليه الحجة أن الصلاة من الإيمان، وأن تركها كفر.
قال: [وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله -لأن هذا أصل الإسلام- ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)].
فهنا قرن الصلاة والزكاة بالشهادة، وهذا يدل على أن الصلاة من الإيمان؛ لأن الشهادة إيمان بلا خلاف بين أهل العلم، وهذا الحديث أخرجه الشيخان في صحيحيهما.
قال: [وعن أنس قال: قال رجل: (يا رسول الله! كم افترض الله على عباده من الصلوات؟ قال: خمس صلوات، قال: هل قبلهن وبعدهن شيء -أي مفروض-؟ قال: افترض الله على عباده صلوات خمساً، فحلف الرجل لا يزيد عليهن ولا ينقص، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: إن صدق دخل الجنة).
وفي رواية قال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لئن صدق ليدخلن الجنة)]، يعني: لو صدق في إتيانه لهذه الصلوات الخمس، فهو يتكلم هنا عن الصلوات الخمس فحسب، ومن البدهي أن الصلاة بعد الشهادتين؛ لأنها لا تصح قبلها، وتكون مردودة على صاحبها.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (لئن صدق) أي في إتيانه بهذه الصلوات الخمس على أكمل وجه، (ليدخلن الجنة)، وهذا يدل على أن من لم يأتها دخل النار.
قال: [وعن جرير بن عبد الله البجلي قال: (بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم).
أخرجه الشيخان.
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك ترك الصلاة)].
وهذا يدل على أن من ترك الصلاة وقع في الشرك.
وهذا الحديث يدل على أن الصلاة من الإيمان، وأن إتيانها إيمان، وتركها كفر ونفاق.
قال: [وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة).
وعن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس بين العبد وبين الشرك إلا ترك الصلاة).
أخرجه مسلم].