قال: [وقال أبو سليمان: رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يسأل عن منازل البصريين: هل قدم أيوب؟].
يعني: سالم بن عبد الله بن عمر جالس في المدينة ويسأل عن أهل السنة الذين يأتون من أماكن بعيدة فيسأل عن أيوب بن أبي تميمة السختياني.
قال: [فلما رآه أيوب جمح إليه فعانقه].
وهذه من محبة أهل السنة بعضهم لبعض وإن اختلفت ديارهم.
عانقه أيوب.
قال: [وجعل يضمه إليه.
قال: وإذا رجل خشن عليه ثياب خشنة فقلت: من هذا؟ فقالوا: هو سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم.
وعن حماد بن زيد قال: قال أيوب: إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة وكأني أفقد بعض أعضائي].
يعني: وكأن أحد أعضائي هو الذي مات وليس هذا الرجل؛ لأن أهل السنة بعضهم مع بعض كالجسد الواحد.
قال: [وعن أيوب قال: إن من سعادة الحدث -أي: من سعادة الغلام الصغير- والأعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة].
يعني: من أعظم نعمة عليك أن توفق إلى رجل من أهل السنة يعلمك السنة ويجنبك البدعة.
وهذه النعمة لو أنك ظللت تذكر الله تعالى عليها في الليل والنهار ما وفيته حقه، وإلا فأنت ترى أصحاب الأهواء وأهل الضلال هنا وهناك لا يعرفون شيئاً، وليس عندهم استعداد مطلقاً أن يسمعوا لأهل السنة كلمة واحدة، فالشيطان أغلق على قلوبهم.
والمساجد التي فيها الأضرحة والقبور وغيرها، تجد فيها الضباط وأساتذة الجامعات بل إن إمام الصوفية رئيس جامعة الأزهر لو سألته وقلت له: هل الصوفية كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ لقال لك: لم تكن موجودة.
قال: [وعن ابن شوذب قال: إن من نعمة الله على الشاب إذا نسك -أي: إذا تعبد- أن يواخي صاحب سنة يحمله عليها].
يعني: أن يلازم صاحب سنة يعلمه إياها ويدله عليها.
قال: [وقال يوسف بن أسباط: كان أبي قدرياً].
يعني: ممن ينفي القدر ويقولون: لا قدر، وأن الأمر أنف.
أي: أن الله لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها، فينفون عن الله علمه السابق.
[قال: وإن أخوالي روافض].
يعني: يسبون أبا بكر وعمر قال: [فأنقذني الله بـ سفيان].
يعني: أنقذه من قدرية والده، ومن رفض أخواله، وهؤلاء هم أهله وعشيرته.
ولو أتيت إلى بلد كفارس إيران أو العراق أو سوريا التي انتشرت فيها وطغت مذاهب الضلال، فالنصيرية في سوريا كفر محض، وتجد عندهم الرفض والسب والشتم العلني لـ أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
رفسنجاني زعيم إيران أتى ومعه وفده فدخل المسجد النبوي، وصلى فيه ركعتين، ثم ذهب ليزور النبي عليه الصلاة والسلام فصلى عليه، ثم انحرف هو ووفده إلى قبر أبي بكر وعمر ورفعوا أيديهم وظلوا يسبون ويلعنون ويشتمون أبا بكر وعمر! فانزعج الناس، فذهبوا إلى إمام المسجد الإمام الحذيفي.
هذا الإمام الذي ما عُرف عنه إلا الالتزام والحفاظ على السنة والأدب والتواضع والإخبات والخوف من الله، حتى أتى إلى جانبه وسمع منه بأذنه هذا السب وهذا اللعن، ولكنه لم يستطع أن يقيم الموقف في حينه ووقته، فذهب فبات في بيته بشر ليلة، فأتاه النبي عليه الصلاة والسلام في النوم وقال له: يا علي! اصعد المنبر فقل: كذا وكذا وكذا أي: رد على هؤلاء افتراءهم وبين لهم فضل عمر وفضل أبي بكر.
قال الحذيفي: فجبنت عن ذلك، ثم نمت مرة أخرى فأتاني النبي عليه الصلاة والسلام فجبنت عن ذلك، فأتاني الثالثة بمثل ذلك.
فصعد المنبر في يوم الجمعة في خطبة الجمعة، وتكلم بكلام عظيم جداً وحكى الذي قصصته على المنبر، ثم بين فساد الشيعة وعوار مذهبهم ومخالفتهم في الأصول لأهل السنة والجماعة، ثم رفض العلمانية التي أتت من قبل مصطفى أتاتورك في تركيا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام أمره في الرؤيا المنامية بثلاث: بالرد على العلمانية التي أتت من تركيا، والرفض والسب الذي أتى من فارس، والأمريكان الذين أتوا محتلين لبلاد العرب.
فتكلم الإمام الحذيفي حفظه الله في هذه المسائل الثلاث على منبر مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، وما كان من الحكومة المباركة إلا أن استدعت الحذيفي وهو عميد كلية القرآن الكريم في الجامعة الإسلامية فعزلته عن العمادة وعزلته عن إمامة المسجد النبوي، ولكن هذا لا يضر الحذيفي لأنه عمل لله بسنة وإن كان واحداً، فإن هذا الموقف سيُحمد له على ألسنة أهل السنة إلى قيام الساعة، وإن من خالف ذلك سيُذكر بالسوء إلى قيام الساعة.
قال: [وقال عمارة بن زاذان: قال لي أيوب: يا عمارة