وعن عبد الصمد بن مردويه قال: [سمعت رجلاً يقول للفضيل: من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها، فقال له الفضيل: من زوج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها].
فالفاسق أهون من المبتدع، الفاسق صاحب كبيرة أو المصر على الصغيرة المبتدع شر منه، ولذلك العلماء لما قسموا المعاصي قسموها على الترتيب الثلاثي: الكفر، البدعة، المعصية، والكفر أمره معلوم، وصاحب المعصية إنما يعصي الله وهو يعلم أنه عاصٍ، وهل يتصور أن الزاني يزني وهو يعتقد أن الزنا طاعة وقربة؟ أو أن سارقاً يسرق وهو يتقرب بهذه السرقة إلى الله؟ لا يمكن أن يكون هذا.
أما المبتدع فهو قائم على بدعته ظناً منه أنها الحق، وأنها قربة إلى الله عز وجل، ولذلك هو يتمسك ببدعته فوق تمسك صاحب المعصية بمعصيته.
ولذلك أنت إذا حدثت صاحب معصية في معصيته وضع وجهه في الأرض استحياء مما يأتي، حتى لو كانت من المعاصي الصغيرة التي لم تبلغ حد الكبائر، ويبدأ يلوم نفسه ويسأل الله المغفرة، وغير ذلك من الكلمات التي تسمعها بصدق من لسان هذا العاصي.
ولكن انظر إلى رافضي خبيث شيعي مجرم يتقرب إلى الله -وقد صحت النصوص عندهم- بتكفير الشيخين، بل جاء في كتاب الكافي وهو عند الشيعة كـ البخاري عند أهل السنة، جاء فيه: أن من لم يلعن أبا بكر وعمر في كل صباح ومساء فليس برافضي حقاً، وليس بشيعي حقاً.
تصور رجلاً يقوم مبكراً ويسب أبا بكر وعمر وهو يعتقد أنه يتقرب إلى الله عز وجل بذلك، خاصة إذا كان من رعاع المذهب لا من رءوسهم، فهذا الذي تريد أن تخلعه عن هذه الكبيرة وهذا الجرم وهذا الكفر كيف تخلعه؟ أمر صعب جداً، ولذلك نسمع في كل يوم أن عشرات من أصحاب المعاصي يتوبون إلى الله عز وجل ويتركون معاصيهم، وفي كل مائة عام نسمع عن توبة رجل من رءوس البدعة، لأنه أشد تمسكاً ببدعته من صاحب المعصية بمعصيته، ولذلك المعصية أخف ضرراً من البدعة، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته).
ولم يقل ذلك في أصحاب المعاصي، بل أصحاب المعاصي تحت مشيئة الله، وهذا في حالة ما إذا ماتوا وهم مصرون على معاصيهم وإن كانت كبائر، فإن تابوا تاب الله عز وجل عليهم، وإن ماتوا على ذلك غير مستحلين لها فهم تحت مشيئة الله إن شاء تاب عليهم وعفا عنهم، وإن شاء أخذهم بذنبهم، بخلاف صاحب البدعة؛ فإن الله تعالى يؤاخذه لأنه يدخل في الدين ويلحق به ما ليس منه، كما أنه اتهام الله عز وجل بعدم تمام الشريعة وبنقصان هذا الدين، مكذباً بالقرآن والسنة، ومكذباً بأقوال الرسول عليه الصلاة والسلام.