وفي قوله تعالى: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} [الصافات:162].
قال ابن عباس: [لا يضل أحد أحداً إلا سبق في علم الله أنه من صال الجحيم].
قال: [عن عمرو بن ذر قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: لو أراد الله ألا يعصى لم يخلق إبليس] لأنه رأس العصيان، ورأس الفساد، ولو أراد الله تعالى أن يطاع في الأرض ولا يعصى قط ما خلق إبليس.
[وقد فصل لكم وبين لكم، قال تعالى: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} [الصافات:162] إلا من قدر له أن يصلى الجحيم]، أي: فإنه حينئذ يضل.
وقال خالد للحسن: [ألهذه خلق آدم ثم أشار إلى السماء، أم لهذه وأشار إلى الأرض؟] يعني: أخلق آدم للسماء أم خلق للأرض؟ ويشير بذلك إلى معصية آدم، وأن آدم كان في الجنة، وكان في السماء، وأهبط منها إلى الأرض فهو يسأله، ويقول له: آدم خلق لهذه وأشار إلى السماء أم لهذه وأشار إلى الأرض؟ قال الحسن: [بل لهذه وأشار إلى الأرض].
رغم أنه كان في الجنة وكان في السماء، فما الذي أهبطه إلى الأرض؟ لأنه خلق لها وما نزلها إلا بقدر.
يعني: الذي دار بين آدم وإبليس، وأن المعصية التي خالف فيها آدم ربه، لم تكن تخفى على الله قبل أن يخلق آدم، فقد وقعت بقدر والله عز وجل علم أزلاً أن إبليس سينتصر في هذه الخدعة التي بينه وبين آدم، وعلم أن آدم سيقنع بحجة إبليس، وأنه سينسى العهد الذي أخذه مع ربه.
ثم يسأل خالد الحسن فيقول: تصور لو أن آدم اعتصم من الخطيئة.
يعني: لم يقع فيها، فلم يعملها أكان ترك في الجنة؟ قال الحسن: [سبحان الله! كان له بد من أن يعملها].
كان لازم يعمل كذا؛ لأنه سبق في علم الله أنه سيعمل ذلك، والذي سبق في علم الله وكتبه في اللوح المحفوظ لابد وأن يقع.
قال: [قلت: يا أبا سعيد قوله عز وجل: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} [الصافات:162] قال: ما أنتم عليه بمضلين إلا من قدر له أن يصلى الجحيم].