معنى قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم)

قال: [وفي قول الله تبارك وتعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف:172]] هذه هي آية الميثاق الغليظ، فحينما خلق الله عز وجل آدم مسح سبحانه وتعالى بيده على ظهر آدم، فأخرج كل نسمة كاملة من نسل آدم إلى قيام الساعة، أخرجهم كالذر، وخاطبهم المولى عز وجل بخطاب قد علموه وعقلوه وفهموه.

((وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ)) أي: من ظهر آدم، ((ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ)) أنا ربكم أم لا؟ ((قَالُوا بَلَى)) أي: أنت ربنا.

قال: [قال عمر بن الخطاب حينما سُئل عن هذه الآية قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يُسأل عنها؟ فقال: (إن الله خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه واستخرج منه ذريته، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون، وخلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون)].

فأنت حينما تنظر في هذا النص تقول: هذا ظلم؛ فالناس لم يُخلقوا بعد! ومع ذلك فربنا سبحانه وتعالى كتب عليهم أنهم من أهل النار، لماذا لم ينتظر حتى يعملوا؟! ف

صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل سلفاً وأزلاً قد علم ما هم عاملون، فعلم منهم أنهم سيعملون الشر ويعملون الكفر، وعلم من هؤلاء أنهم سيعملون الإيمان ويعملون الطاعات، فحينما علم من هؤلاء الشرك جعلهم من قسم النار، وحينما علم من هؤلاء الإيمان جعلهم من قسم الجنة.

إذاً: فالمسألة كلها مبنية على علم الله الأزلي، فالذي ينكر علم الله الأزلي لا بد أنه ينسب الظلم لله، فغلاة القدرية حينما نفوا علم الله الأزلي أنكروا مثل هذه الأحاديث، ولكن الله تبارك وتعالى هو العليم القدير اللطيف، وهو الحكم العدل، وما كان ليظلم عباده قط؛ لأنه المتصف بكمال العدل والحكمة، فلما علم أزلاً بما هؤلاء عاملون، وما هم إليه صائرون؛ كتب لهم الجزاء، وكذلك فعل مع القسم الثاني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015