وابن أبي العز الحنفي في شرحه للعقيدة الطحاوية يقول عند قول الإمام الطحاوي: وكل ميسر لما خُلق له، والأعمال بالخواتيم، والسعيد من سعد بقضاء الله، والشقي من شقي بقضاء الله.
أي: أن كلٌ ميسر لما خلق له من السعادة أو الشقاوة، ولذلك في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (اعملوا فكلٌ ميسر لما خُلق له).
ولذلك فإن أكثر من واحد قال للنبي عليه الصلاة والسلام: (يا رسول الله! أرأيت ما بقي لنا من أعمالنا وعمرنا شيء قد سبق وقد كتبه الله عز وجل، أو شيء مستأنف؟ قال: بل شيء سبق -أي: مكتوب ومعلوم لدى الله عز وجل- قال الصحابي: (ففيم العمل إذاً؟) أي: إذا كانت الأمور معلومة لدى الله عز وجل ومقدرة ومكتوبة؛ فلماذا نعمل؟ فكل واحد إذاً يركن على المكتوب.
فنقول: تشتغل لأنك لا تدري أأنت من أهل الشقاوة، أو أنك من أهل السعادة، فابذل جهدك لأن تكون من أهل السعادة، والله تبارك وتعالى ييسر لك بحرصك على الطاعة أمر الطاعة، ولو أنك تركت الطاعة وحرصت على المعصية؛ سهلها لك؛ لأنك نفسك تميل إلى المعاصي، فهناك نفوس خبيثة تميل إلى الخبيث، وهناك نفوس طاهرة نظيفة مؤمنة إذا سمعت بمعصية فرت منها فرارها من الأسد، وهرولت وأسرعت إلى طاعة الله عز وجل.
فهناك من إذا فاتته تكبيرة الإحرام يتفطر قلبه حزناً، وهناك من إذا أجبرته على الدخول إلى المسجد فإنه لا يصلي، ولو كان اسمه محمداً، أو أحمد، أو عبد الله، أو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ويشابه اسم النبي عليه الصلاة والسلام، فهناك نفوس خبيثة ونفوس طيبة، فهذا كله بقدر الله، لكن الله تعالى يسر لهذا لأنه علم منه أزلاً أنه لا يميل إلى الطاعة، وخلق الله النار لحكمة.