أرجو أن تسجل هذه الأدوية؛ حتى تستخدمها إذا تسلط الشيطان -لا قدر الله- عليك، فأول علاج كما في حديث أبي هريرة: (فليستعذ بالله ولينته).
والعلاج الثاني: مجاهدة العبد نفسه في دفع هذا الخاطر وهذه الوسوسة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولينته) يعني: ليكن منك بذل للجهد في دفع هذا الشيطان، ودفع هذا الوسواس، ودفع هذا الخاطر المضل.
قال: (ثم قل: آمنت بالله)؛ فإقرارك الذي يسمعه منك الشيطان في حال الوسوسة أنك تؤمن بالله ورسله أمر يضعف كيده ووسوسته.
وفي رواية أخرى: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول: الله، -ثم ذكر بمثله وزاد-: ورسله) يعني: قل: آمنت بالله ورسله.
وفي رواية أيضاً: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا، حتى يقول له: من خلق ربك، فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته).
وفي حديث أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يزال الناس يسألونكم عن العلم)، وباب التفكر باب من أبواب العلم.
قال: (لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا: الله خلقنا؛ فمن خلق الله؟ قال أبو هريرة وهو آخذ بيد رجل: صدق الله ورسوله) يعني: كأن أبا هريرة قد أتاه رجل فسأله عن هذا، فأخذ بيده وقال: صدق الله ورسوله.
وفي رواية: (أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لـ أبي هريرة: لا يزال الناس يسألونك عن العلم يا أبا هريرة! حتى يسألونك عن الله عز وجل، فأتى قوم إلى أبي هريرة يسألونه، حتى سألوه عن الجبال والشمس والقمر والأرض وهو يقول: الله خلق هذا، فقالوا: هذا الله خلق كل هذا، فمن خلق الله؟ فتناول كفاً من حصى وألقاه في وجوههم وقال: قوموا عني، صدق خليلي صلى الله عليه وسلم).
وفي رواية أبي هريرة: (ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يقولوا: الله خلق كل شيء، فمن خلقه؟).
وعند أبي داود: (فإذا قالوا ذلك -أي: فإذا قالوا لكم: فمن خلق الله؟ - فقولوا: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد).
كما أتى المشركون إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقالوا: انسب لنا ربك؟ فنزل قول الله عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] أي: رد عليهم يا محمد! بنسب الله عز وجل أنه واحد أحد، فرد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.
فهذا نسبه، وهذه أعظم سورة في كتاب الله عز وجل على الإطلاق، فكل أجزائها توحيد لله عز وجل، وليس في القرآن من أوله إلى آخره سورة هي أعظم من سورة الإخلاص، كما أنه ليس في القرآن من أوله إلى آخره سورة كلها توحيد لله عز وجل إلا هذه السورة، وجميع القرآن إنما تكلم عن التوحيد وغير التوحيد إلا هذه السورة؛ فإنها لم تشمل إلا التوحيد فقط.
قال: (ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً -أي: دحراً للشيطان- وليستعذ بالله).
إذاً: العلاج (فليستعذ بالله ولينته)، وليقل: (آمنت بالله ورسله)، (وليتفل عن يساره ثلاثاً)، (وليقرأ سورة الإخلاص) فهذه أربعة علاجات للوسوسة، وبهذا يندفع الشيطان ويذهب معه هذا الخاطر، فعلينا أيها الإخوة! أن نؤمن بهذه الأصول، وقد يأتي شخص بعلاج آخر غير هذا العلاج فنقول له: لا علاج غير هذا العلاج إلا أن تذهب إلى الساحر! فإذا كانت النصوص لا تعجبك ولم تأت بنتيجة فالعيب فيك أنت.
وقد ثبت في السنة: (صدق الله وكذب بطن أخيك)، وهو (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخي يشتكي بطنه، فقال: اسقه عسلاً، ثم أتاه الثانية فقال: اسقه عسلاً، ثم أتاه الثالثة فقال: اسقه عسلاً، ثم أتاه فقال: قد فعلت؟ فقال: صدق الله وكذب بطن أخيك.
اسقه عسلاً، فسقاه فبرأ) وأنت تريد من أول جرعة أن تأخذ الدواء وتشفى وتبرأ تماماً؟! إن النصوص تحتاج إلى قلب واع مؤمن، قد تمكن الإيمان منه حتى استطاع أن يتعامل معه، فعند أن تتبع النصوص بغير اعتقاد فإنها لا تنفعك، بل حتى الأطباء يقولون: العامل النفسي في العلاج مهم جداً لإتمام البرء، فأنت عند أن تأخذ علاجاً صرفه لك الطبيب وأنت لا تثق بهذا الطبيب ولا بهذا الدواء، ولا تعتقد أن هذا الدواء سيكون سبباً في الشفاء ففي الغالب لا يعطي نتيجة.
فإذا أردت التعامل مع النصوص فلابد من تنظيف وتطهير القلب أولاً.
إذاً: فهذه خمسة علاجات لدفع هذا الوسواس وهذا الخاطر.