إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
سنتكلم الآن عن موضوع له علاقة بهذه الأيام وبهذا الشهر الجاري وهو شهر رجب، فالناس قد انطبع في أذهانهم أن الإسراء والمعراج كان في شهر رجب، مع أن هذه المسألة غير ثابتة وغير موثقة، وتحديد ليلة الإسراء بالنبي عليه الصلاة والسلام والعروج به إلى السماء السابعة غير دقيق، وهو محل نزاع واختلاف بين أهل العلم، ولكن شاع وفشا وانتشر أن ذلك كان في رجب، حتى ظن العامة أن الإسراء والمعراج كانا في السابع والعشرين من شهر رجب، ثم انطبع في أذهانهم أن النبي عليه السلام قد رأى ربه بعيني رأسه في هذه الليلة.
وهذه المسألة محل نزاع كبير بين أهل العلم، وهذا الكلام قد نشأ في زمن الصحابة رضي الله عنهم، ففي الوقت الذي يؤيد فيه ابن عباس الرؤية تنفي فيه عائشة وعبد الله بن مسعود وأبو ذر رضي الله عنهم أجمعين الرؤية كذلك.
فهذه المسألة لا يضلل فيها المخالف ولا يبدع؛ لأن الخلاف قد وسع الصحابة رضي الله عنهم في هذه القضية، مع أننا لو دققنا النظر لما وجدنا أي خلاف بين مذهب ابن عباس ومذهب عائشة وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، ولكن الخلاف وقع بعد ذلك بين أهل العلم، وعلى وجه التحديد وقع في القرن الثاني، وفي بداية القرن الثالث.
وهنا عدة أسئلة وهي: الأول: هل رأى النبي عليه الصلاة والسلام ربه بعيني رأسه ليلة الإسراء أم لا؟ السؤال الثاني: هل رآه بفؤاده وبقلبه أم لا؟ السؤال الثالث: هل رؤية الله عز وجل للمؤمنين -أي: من غير الأنبياء- بأعين رءوسهم ممكنة في الحياة الدنيا أم لا؟ السؤال الرابع: هل رأى النبي عليه الصلاة والسلام ربه في المنام أم لا؟ السؤال الخامس والخاتم لهذه الأسئلة في مسألة الرؤية: هل الكافرون والمنافقون يرون ربهم تبارك وتعالى؟ فهذه أسئلة أساسية في قضية الرؤية، ينبغي الإجابة عن كل سؤال بالتفصيل.