قال ابن جرير: اختلف في صفة إتيان الرب تبارك وتعالى الذي ذكره الله تعالى في قوله: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} [البقرة:210].
فقال بعضهم: لا صفة لذلك غير الذي وصف به نفسه عز وجل من المجيء والإتيان والنزول.
أي: لا بد أن نسلم أنه يأتي مثلما قلنا في النزول والاستواء وغير ذلك، ونفوض علم الكيفية لله عز وجل، وغير جائز لأحد تكلف القول في ذلك إلا بخبر من الله عز وجل، أو من رسل الله تعالى.
ولذا عندما لم يأت الخبر بالكيفية؛ وجب أن نسكت عما سكت عنه الأنبياء، وعما سكت عنه أصحاب الأنبياء، ولذلك لم يرد في أثر -ولو باطل- أن واحداً من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام قال له: يا رسول الله! كيف يأتي ربنا؟ كيف يستوي ربنا؟ كيف يتكلم ربنا؟ فلم يسألوا عن الكيفية قط؛ لأنهم يعلمون أن لله تبارك وتعالى ذاتاً تختلف عن ذواتنا، وهم لا يمكن أبداً أن يحيطوا بها علماً، ولذلك لم يتكلفوا السؤال عنها، وعن كيفية صفاتها.