قال البيهقي في الرد على هؤلاء: والذي يدل عليه ظاهر الكتاب والسنة من إثبات العين صفة لا من حيث الحدقة أولى.
فهو يريد أن يقول: أثبت لله تبارك وتعالى ما أثبته لنفسه من صفة العين على الحقيقة، ولا تتوهمن أن العين جارحة؛ لأن العين في حق المخلوقين هي الحدقة، فلا تقولن: حدقة في حق الله عز وجل، وهذا القول الذي اختاره البيهقي هو الذي عليه سلف الأمة، وأما محاولة بعض الناس حمل النصوص على خلاف ما يظهر من ألفاظها فمحاولة جهمية معروفة.
وأما تفسير من فسر الآيات السابقة بالرؤية مع إنكار صفة العين فقوله شبيه بقول المعتزلة القائلين: إنه تعالى سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعليم بلا علم، وهو قول مرفوض شرعاً وعقلاً، كما تقدم وذكرناه.
وابن الجوزي عليه رحمة الله وقع في هذا التأويل، ورد على ابن خزيمة، وهو من أئمة السلف.
وابن الجوزي مضطرب جداً في باب الاعتقاد خاصة في باب الأسماء والصفات، فهو تارة يثبتها وينافح ويجادل ويهاجم المبتدعة، وتارة يقول بقول المبتدعة ويهاجم أهل السنة ويسميهم مشبهة، فهو هنا أنكر على ابن خزيمة إثبات العينين لله تبارك وتعالى حقيقة، وقال: هذا لا يشبه كلام السلف.
ثم قال: وقد أتى ابن خزيمة بما لم يسبق به، مع أن ابن خزيمة هو إمام من أئمة المسلمين، وهذه زلة خطيرة وسقطة شنيعة وقع فيها ابن الجوزي عليه رحمة الله، وما ذكرناه آنفاً يكفي للرد عليه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.