ابن الجوزي تأول قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن:27] بأنه يبقى ربك، وهذا التعميم والإطلاق بأنه قول المفسرين خطأ عظيم جداً.
فهناك من المفسرين قبل ابن الجوزي من فسر الآية بغير ما ادعاه ابن الجوزي، مع أن الحق ليس مقصوراً على من صنف كتاباً أو كتباً في التفسير، وليس بلازم أن نأخذ تأويل الصفات من التفسير، فهذا أحمد بن حنبل رحمه الله ليس له كتاب التفسير، ومع هذا تكلم عن صفات المولى تبارك وتعالى.
والطبري في تفسير قوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:26 - 27]، قال: يقول تعالى ذكره: كل من على ظهر الأرض من جن وإنس فإنه هالك، ويبقى وجه ربك يا محمد! ذو الجلال والإكرام.
فلم يقل: ويبقى ربك، وإنما قال: ((وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ))، فهذا إثبات لصفة الوجه، وقوله: {ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:27] نعت للوجه، ففرق بين قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:27]، وبين قوله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:78].
فذو الجلال والإكرام صفة للوجه، وأما ذي الجلال والإكرام فصفة للذات تبارك وتعالى.
قال: وهذا مذهب أهل التحقيق، ومن فسر الوجه بالذات فقد أخطأ وسلك مسلك الجهمية.