قال: [فلم نجد في كتاب الله وسنة رسوله وآثار صحابته إلا الحث على الاتباع، وذم التكلف والاختراع، فمن اقتصر على هذه الآثار كان من المتبعين، وكان أولاهم بهذا الاسم، وأحقهم بهذا الوسم، وأخصهم بهذا الرسم -وهم أصحاب الحديث- لاختصاصهم برسول الله عليه الصلاة والسلام، واتباعهم لقوله وطول ملازمتهم له، وتحملهم علمه، وحفظهم أنفاسه وأفعاله، فأخذوا الإسلام عنه مباشرة، وشرائعه مشاهدة، وأحكامه معاينة من غير واسطة ولا سفير بينهم وبينه، وحفظوا عنه شفاهاً، وتلقفوه من فيه رطباً، وتلقنوه من لسانه عذباً، واعتقدوا جميع ذلك حقاً، وأخلصوا بذلك من قلوبهم يقيناً، فهذا دين أخذ أوله عن رسول الله عليه الصلاة والسلام مشافهة لم يشبه لبس ولا شبهة، ثم نقلها العدول عن العدول من غير تحامل ولا ميل، ثم الكافة عن الكافة، والصافة عن الصافة، والجماعة عن الجماعة، أخذ كف بكف، وتمسك خلف بسلف كالحروف يتلو بعضها بعضاً، ويتسق أخراها على أولاها رصفاً ونظماً].