أيضاً: فسر أهل التحريف وجه الله بالثواب، فقالوا: المراد بالوجه هنا: الثواب، فكل شيء يفنى إلا ثواب الله عز وجل فإنه لا يفنى.
وإذا قلنا: إن الوجه الثواب لزمنا أن نقول: إن الذات غير متصفة بالوجه.
يعني: أنها ذات بلا وجه، وهذا تعطيل.
ففسروا الوجه الذي هو صفة كمال لله عز وجل بشيء مخلوق بائن عن الله قابل للعدم والوجود؛ لأن الثواب إذا شاء الله تبارك وتعالى أوجده وإذا شاء جعله هباء منثوراً، فالثواب بيد الله عز وجل، فهو يثيب عبداً ولا يثيب آخر، والثواب على هذا النحو مخلوق؛ لأنه حادث، فأنت لن تثاب إلا إذا عملت، فثواب الله تبارك وتعالى مخلوق حادث ومترتب على العمل، والعمل كذلك مخلوق وحادث، فإذا قلنا: إن الوجه في الآية المراد به الثواب فالثواب حادث، ووجه الله تبارك وتعالى ليس حادثاً، فلا يصح أن نقول: إن الوجه مقصود به الثواب، بل الذي يصح أن نثبت لله تبارك وتعالى وجهاً على المعنى الذي يليق بكماله وجلاله، فإذا فسر بالثواب صار من باب الممكن الذي يجوز وجوده وعدمه.